المسألة الثانية يقول (يشترط فيه أن محلي حيث حبستني) وهذا أيضاً فيه نظر وقد اختلف العلماء رحمهم الله في اشتراط من أراد الإحرام هل هو سنة مطلقاً أو منكرٌ مطلقاً أو فيه تفصيل:
فمنهم من قال يسن لكل من أراد الإحرام بعمرة أو حج أن يشترط.
ومنهم من قال إنه لا يشترط وأنكر ذلك كابن عمر رضي الله عنه.
ومنهم من قال بالتفصيل فقال إن كان هناك سبب يقتضي ذلك فليفعل وإلا فلا، السبب مثل أن يكون الإنسان فيه أثر مرض ويخشى أن يعجز أو امرأة تخشى أن يأتيها الحيض فتشترط أو ما أشبه ذلك فهذا يسن في حقه أن يشترط لئلا يشق على نفسه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لضُباعة بنت الزبير قال (حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني) وأما من لا يخشى من عائق فلا يشترط لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يشترط هو عند إحرامه فتمام الاقتداء به أن لا يشترط من لا يخاف العائق وأن يشترط من يخاف العائق الأول اقتدى بفعله والثاني اقتدى بقوله وهذا هو الذي تجتمع فيه الأدلة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله بقي أن يقال الحوادث في هذا الزمان كثيرة وعلى هذا فنقول كل من أراد أن يحرم فليشترط فيقال هذا غير صحيح بل الحوادث في هذا الزمان قليلة لأنك لو أحصيت السيارات وما فيها من ركاب لوجدت العدد الهائل ولنقل إن الحجاج مليون حاج قد يموت مائة حاج من الحوادث فنسبة مائة لمليون ليست بشيء ثم إن الحوادث موجودة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فها هو الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة وعلى هذا فنقول الأفضل أن لا تشترط ولكن لو اشترطت وقلنا بأن الاشتراط ليس بسنة فالظاهر أنه لا ينفعه ما دمنا قلنا إن الاشتراط ليس بسنة إلا لمن خاف من عائق فإنه إذا اشترط فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردوداً غير مؤثر ويحتمل أن ينفعه لكن الاحتمال الأول أقرب أنه لا ينفعه.