فسكوته عن ذكر الوضوء يدل على أنه ليس بواجب وأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد فالظاهر أن ذكر الألبان شاذ وإن صح فيحمل على الاستحباب لا على الوجوب جمعا بينه وبين حديث العرنيين أما الكبد والطحال وما لا يسمى لحما ففيه وجهان لا روايتان والفرق بين الروايتين والوجهين أن الروايتين عن الإمام أحمد والوجهين عن أصحاب الإمام أحمد والصحيح أن الوضوء واجب من الكبد والطحال والأمعاء والكرش وما أشبهها لأنه من جملة لحم الإبل بل إننا لو قارنا بين اللحم الخالص وغيره لكان غيره مساويا له أو أكثر منه فإن البعير فيها شحم كثير فيها أمعاء فيها كرش فيها كبد فيها رأس وغير ذلك من الأشياء الكثيرة التي لا تسمى لحما في العرف فكيف يوجب الشرع الوضوء من لحم الإبل ثم نحمله على الأقل منه هذا خلاف المعهود ثم إنه مقيس على لحم الخنزير لما حرم الله لحم الخنزير صار عاما لجميع أجزائه ثم إنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية حيوان تختلف أجزاؤه حلا وحرمة أو تأثيرا لكن في شريعة اليهود يوجد (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا)(الأنعام: من الآية١٤٦) أما في شريعتنا الحيوان واحد جميع أجزائه في الحل والحرمة لا يوجد حيوان بعضه حلال وبعضه حرام وكذلك في الأثر المترتب على الأكل لا يوجد شيء بعض لحمه يؤثر وبعض لحمه لا يؤثر إلا هذه المسألة مسألة النزاع والصحيح فيها أنه عام وأن جميع أجزاء البعير ناقض للوضوء ولكن هنا هل يلزم الإنسان إذا أكل عند إنسان طعاما أن يسأل ويقول ما لحمك؟ لا يلزم ولكن هل يلزم صاحب المحل أن يخبرهم؟ نعم يلزم كما لو رأى ماءً نجسا يريد أن يستعمله أحد فإنه يلزمه أن ينبهه لقول الله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)(المائدة: من الآية٢) وهذا من البر أن يتوضأ الإنسان من لحم الإبل ماذا يقول له إذا أراد أن ينبهه؟ هذا لحم إبل