القارئ: وهو مخيرٌ إن شاء أحرم متمتعاً أو مفرداً أو قارنا لحديث عائشة والتمتع هو الإحرام بعمرةٍ من الميقات فإن فرغ منها أحرم بالحج من مكة في عامه والإفراد الإحرام بالحج مفرداً والقران الإحرام بهما معاً أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الإحرام بالحج قبل الطواف لما روت عائشة رضي الله عنها قالت (أهللنا بعمرةٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه هديٌ فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً) متفق عليه فإن أحرم بحجٍ ثم أدخل عليه عمرةً لم يصح ولم يصر قارناً لأنه لم يرد بذلك أثر ولا هو في معنى ما جاء به الأثر لأن إحرامه بها لا يزيده عملاً على ما لزمه بإحرام الحج ولا يغير ترتيبه بخلاف إدخال الحج على العمرة ومن طاف للعمرة ثم أحرم بالحج معها لم يصح لأنه قد أتى بمقصودها وشرع في التحلل منها إلا أن يكون معه هديٌ فله ذلك لأن من ساق هدياً لا يجوز له التحلل حتى ينحر هديه لقول الله تعالى (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) فلا يتحلل بطوافه ويتعين عليه إدخال الحج على العمرة ويصير قارنا بخلاف غيره.
الشيخ: هذا الفصل يتضمن أموراً الأمر الأول أن الإنسان إذا أراد الإحرام فإنه مخيَّر بين ثلاثة أنساك التمتع والإفراد والقران لحديث عائشة قالت (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهلَّ بعمرة ومنا من أهلَّ بحج ومنا من أهلَّ بعمرة وحج وأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج) وهذا التخيير تخيير إباحة والأفضل كما سيأتي في الفصل الذي بعده الأفضل التمتع وقيل إن الإنسان لا يخيّر بين هذه الأنساك وأنه يجب عليه التمتع إلا أن يكون قد ساق الهدي لكن هذا القول ضعيف لأن الخلفاء الراشدين أجمعوا كلهم على أن التمتع ليس بواجب حتى من ليس معه هدي.