وقوله إن قدمها على الإحرام بالحج وبعد الإحرام بالعمرة فلا بأس هذا حق لأن قوله (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم (دخلت العمرة في الحج) يدل على أنه لا بأس أن يصوم هذه الأيام الثلاثة من بعد إحرامه بالعمرة لكن الغريب من كلام المؤلف رحمه الله أنه قال: فإن قدّمه بعد ذلك على إحرام العمرة جاز لأنه وقتٌ جاز فيه نحر الهدي فجاز فيه الصيام كبعد الإحرام بالحج هذا غريب لأن هذا التعليل لا ينطبق على المذهب إذ أن المذهب أن وقت ذبح هدي التمتع من بعد صلاة العيد أو قدرها يعني يوم النحر ولا يجوز أن يقدَّم على يوم النحر لكن فيه خلاف بين العلماء إنما كون المؤلف رحمه الله على مذهب الحنابلة الذين يرون أنه لا يجوز أن يقدَّم ذبح هدي التمتع على يوم العيد ثم يجعله علة لجواز تقديم الصيام هذا من الغرائب اللهم إلا أن يكون للمؤلف رأيٌ يوافق مذهب الشافعي وغيره من أهل العلم بأنه يجوز أن يذبح هدي التمتع من حين الإحرام بالعمرة كالصيام والراجح أنه لا يجوز أن يقدم الهدي على يوم العيد لأنه لو كان تقديم الهدي على يوم العيد جائزاً لفعله النبي عليه الصلاة والسلام ليطيب قلوب أصحابه يعني لنحَر وحَل.
القارئ: ولا يجوز تقديم النحر ولا الصوم قبل إحرام العمرة لأنه تقديمٌ له على سببه فأشبه تقديم الزكاة على النصاب.
الشيخ: تقديم الزكاة على النصاب يعني لو أن الإنسان يتوقع أنه سيملك نصاباً وليس بيده الآن إلا نصف نصاب فأخرج الزكاة فإنه لا يجزئه لأن هذا تقديمٌ للشيء على سببه ومثله أيضاً لو قدَّم كفارة اليمين على اليمين فإنه لا يجزئه أما لو قدَّم الزكاة قبل الحول فإنه يجزئه لأنه تقديمٌ للشيء على شرطه دون سببه وكذلك لو قدَّم كفارة اليمين على الحنث بعد اليمين أجزأ أيضاً لأنه تقديمٌ للشيء على شرطه بعد سببه وقد أشرنا إلى هذا في منظومة قواعد الفقه.