الشيخ: وهذا السؤال غريب يدل على ذكاء المرسل وهو ابن عباس رضي الله عنه لم يقل اسئله هل الرسول يغسل رأسه بل كيف يغسل وكأن الأمر أمرٌ مسلم والظاهر أن ابن عباس كان رواه عن أبي أيوب أو ما أشبه ذلك.
القارئ: ويجوز أن يحتجم ولا يقطع شعراً لما روى ابن عباسٍ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم) متفقٌ عليه.
الشيخ: سبحان الله هل يمكن أن يحتجم في رأسه ولا يقطع شعراً؟ لا يمكن المذهب أنه يحتجم وإذا قطع شعراً فدى والصحيح أنه يحتجم وإذا قطع شعراً فلا فدية لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم ولم ينقل عنه أنه فدى فإن قال قائل لماذا لا تقيسونه على حلق الشعر من الأذى وتقولون إن هذا حلق رأسه لمصلحة نفسه؟ فيقال ظاهر الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يفد وليس نصاً في الواقع لأنه ما قال _ ولم يفدِ _ ولهذا لو أن أحداً عارض وقال عدم ذكر الفدية ليس ذكراً للعدم لأننا قد علمنا أن أخذ الشعر من الرأس يوجب الفدية لكن الجواب عن هذا الإشكال وهو إشكالٌ في محله أن يقال إن الله تعالى قال (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ) والنسك يتعلق بحلق الرأس كله وهذا هو الذي فيه الفدية أما إذا حلق هذا الجزء اليسير فإنه لا فدية فيه لكن إن كان لغير عذر فهو حرام وإن كان لعذرٍ فهو حلال فالعذر الحجامة أو أن يكون هناك شجة في رأس الإنسان يحتاج إلى أن يقص الشعر حولها أو يحلقه فهذا يكون الحلق حلالاً ولا فدية فيه ولهذا كان أصح المذاهب في هذه المسألة مذهب مالك رحمه الله أن الذي فيه الفدية هو الذي يماط به الأذى وهو الذي يشمل ثلثي الرأس أو نحوها أو أكثر وأما ما دون ذلك فلا فدية فيه لكن إما أن يحرم وإما أن يحل فمع العذر يحل ومع عدمه يحرم وهذا هو الذي ذهب إليه شيخ الإسلام في مسألة الحجامة أنه لا يجب عليه الفدية لما حلقه من شعر الحجامة.