الشيخ: البيع بعد نداء الجمعة الثاني لمن تلزمه الجمعة حرام لقوله تعالى (وَذَرُوا الْبَيْع) فإذا وقع صار باطلاً لأن تصحيحه مع النهي مضادة لله تبارك تعالى وعلى القاعدة المعرفة أن كل شيء منهي عنه يوصف بالصحة والفساد يقع فاسداً وأما الذي لا يوصف بالصحة والفساد فتترتب عليه أحكامه مثل الظهار فالظهار منهي عنه لكنه لا يوصف بالصحة والفاسد أي لا يقال ظهار فاسد وظهار غير فاسد ولهذا تتعلق أحكامه عليه ولو كان حراماً أما ما يكون صحيحاً وفاسداً فما وقع على وجه النهي فإنه يكون فاسدا مثل الطلاق فالطلاق في الحيض يقع فاسد لأن من الطلاق ما هو صحيح ومنه ما هو فاسد بخلاف الظهار ومثله الإيلاء محرم ولكن ليس منه ما هو صحيح وفاسد ولهذا تترتب عليه أحكامه.
القارئ: ويجوز ذلك لمن لا تجب عليه الجمعة لأن الخطاب بالسعي لم يتناوله فكذلك النهي.
الشيخ: هذا صحيح من لا تجب عليه الجمعة كالمرأة والمريض ونحوهما يجوز لهما البيع والشراء بعد نداء الجمعة الثاني لكن مع طرف لا تجب عليه الجمعة فلو أن امرأة باعت على رجل تجب عليه الجمعة صار ذلك حراماً وذلك لأن البيع لا يتم إلا بطرفين فإذا كان أحدهما حراماً غلب جانب الحظر ولأننا لو أبحنا ذلك لكان من باب إباحة التعاون على الإثم والعدوان.
القارئ: والنداء الذي تعلق به السعي والنهي هو الثاني الذي يكون عند صعود الإمام المنبر لأنه الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلق الحكم به وإنما زاد الأول عثمان رضي الله عنه وفي النكاح والإجارة وجهان أحدهما حكمهما حكم البيع لأنهما عقدا معاوضة والثاني يصحان لأنهما غير منصوص عليهما وليسا في معنى المنصوص عليه لأنهما لا يكثران فلا تؤدي إباحتهما إلى ترك الجمعة بخلاف البيع.