للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: يقول المؤلف رحمه الله إن المتابيعين إذا تبايعا فكل واحد منهما بالخيار مادام لم يتفرقا بأبدانهما وإنما نص على قوله (بأبدانهما) إشارة إلى قول من يرى أن المراد بالتفرق التفرق بالأقوال بمعنى أن البائع لما قال بعت عليك قال المشتري قبلت فهنا لا خيار لكن لو قال بعت ثم قال والله أنا رجعت فهذا الخيار وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم لكنه قول ضعيف جداً لأنه إذا حصل عدم القبول لم يكن هناك بيع إذ أن البيع لابد فيه من إيجاب وقبول فحمل الحديث على أن المراد به التفرق بالأقوال ضعيف جداً ولهذا جاء في لفظ الحديث (وكانا جميعاً) إشارة إلى أن المراد مجتمعين في المكان ولكن يبقى فعل ابن عمر رضي الله عنه كونه إذا باع شيئاً أو إذا اشترى شيئاً قام وأنصرف خطوات حتى لا يسمع صوت صاحبه من أجل ألا يكون له الخيار فهل هذا جائز؟ الصحيح أنه ليس بجائز وأن فعل ابن عمر رضي الله عنه من جملة ما خالف فيه النص وليس غريباً أن يخطئ الإنسان في رأيه أو يهم في حفظه فمثلاً ابن عمر رضي الله عنه وهم في قوله إن الرسول عليه الصلاة والسلام أعتمر في رجب كما ذكرت ذلك عائشة رضي الله عنها وقالت وهم أبو عبد الرحمن وكذلك أيضاً في كونه إذا حج أو أعتمر قبض على لحيته وقص ما زاد على القبضة مع أنه هو راوي الحديث فالأول خطأ في الحفظ والثاني خطأ في الفهم وهذا أيضاً وإن كان لا أدري هل روى (ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) كما جاء في الحديث لكنه رضي الله عنه في فعله نظر لأن هذا يتضمن إسقاط حق أخيه بلا مقصود شرعي سوى الإسقاط فإن قيامه إلى مكان ما حتى يسقط الخيار ليس له فيه مقصود شرعي وما المقصود به إسقاط الخيار وهذا حق لأخيه البائع أو المشتري فالصواب أنه لا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله وأما قوله رحمه الله (وهو راوي الحديث وأعلم بمعناه) فهذه جملة ترد كثيراً من العلماء فيجاب عن ذلك أن راوي الحديث قد يخطئ في المعنى لكنه أراد بقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>