القارئ: وذكر القاضي وجهاً في كراهته لأنه يطمع في حسن عادته والأول أصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معروفاً بحسن القضاء فلم يكن قرضه مكروها ولأن خير الناس أحسنهم قضاء ففي كراهة قرضه تضييق على خير الناس وذوي المروآت.
الشيخ: التعليل الذي ذكره المؤلف جيد فالصواب أن من عرف بحسن القضاء والكرم فيه فإنه لا يكره إقراضه وإن كان الإنسان قد يتشوف إلى حسن القضاء والزيادة فيه لكن إذا قلنا بكراهة ذلك صار الرجل المعروف بالبخل الذي إن لم ينقصك لم يزدك يستحب إقراضه والثاني الرجل الكريم المعروف بحسن القضاء يكره إقراضه وهذه مشكلة.
فصل
القارئ: وإن أهدى له قبل الوفاء من غير عادة أو أستأجر منه بأكثر من الأجرة أو أجره شيئاً بأقل أو استعمله عملاً فهو خبيث إلا أن يحسبه من دينه لما روى الأثرم أن رجلاً كان له على سماك عشرون درهما فجعل يهدي إليه السمك ويقومه حتى بلغ ثلاثة عشر درهما فسأل ابن عباس فقال أعطيه سبعة دراهم.
الشيخ: السماك هنا يهدي للرجل من أجل أن يؤجل ولا يطالبه بالدين وقد يكون أهدى إليه من أجل أنه أسدى إليه معروفاً فصار يهدي إليه لكن يجب على المقرض في هذه الحال أن يقيد كل ما أهداه إليه المستقرض ثم يقومه وينزله من دينه.
القارئ: وروى ابن ماجه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدي إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك) فإن كان بينهما عادة بذلك قبل القرض أو كافأه فلا بأس لهذا الحديث.
الشيخ: قوله (كافأه) يقصد المقرض أي أن المستقرض أهدي إليه هدية وليس من عادته أن يهدي إليه فكافأه بأن أعطاه ما يقابلها مثل أن يهدي إليه ساعة تساوي عشرين فيكافأه بأن يهدي إليه قلماً يساوي