الشيخ: سبق الكلام على الإيثار وبينا أن الإيثار بالواجبات لا يجوز كهذه المسألة إذا كان عند الإنسان ماء يكفيه لوضوئه ومعه آخر فإنه لا يجوز أن يؤثره بهذا الماء أما الإيثار بالمستحبات فقلنا إنه ينظر لما هو أصلح وأنفع مثل أن يؤثره بالصف الأول فهنا نقول إن رأى مصلحة في ذلك وإلا فلا يؤثر لأنه ينبئ عن عدم رغبة في الخير وأما إذا وجد مصلحة أكبر من هذا مثل أن يكون الذي آثره أباه فهنا قد نقول الإيثار أفضل وأما الإيثار بالمباحات فهو مباح في الأصل وقد يكون مطلوبا وقد يكون غير مطلوب حسب ما تقتضيه الحال فهذه ثلاثة أقسام في حكم الإيثار.
القارئ: وإن كان الماء لهم فهم فيه سواء وإن وجدوه فهو للأحياء دون الميت لأنه لا وجدان له وإن كان لغيرهم فأراد أن يجود به فالميت أولى به لأن غسله خاتمة طهارته وصاحباه يرجعان إلى الماء ويغتسلان وإن فضل عنه ما يكفي أحدهما فالحائض أحق به لأن حدثها آكد وتستبيح بغسلها ما يستبيحه الجنب وزيادة الوطء وإن اجتمع على رجل حدث ونجاسة فغسل النجاسة أولى لأن طهارة الحدث لها بدل مجمع عليه بخلاف النجاسة وإن اجتمع محدث وجنب فلم يجدا إلا ما يكفي المحدث فهو أحق به لأنه يرفع جميع حدثه وإن كان يكفي الجنب وحده فهو أحق به لما ذكرنا في الحائض وإن كان يفضل عن كل واحد منهما فضلة لا تكفي صاحبه ففيه ثلاثة
أوجه أحدهما يقدم الجنب لما ذكرنا والثاني المحدث لأن فضلته يلزم الجنب استعمالها فلا تضيع بخلاف فضلة الجنب والثالث التسوية لأنه تقابل الترجيحان فتساويا فيدفع إلى من شاء منهما أو يقرع بينهما والله أعلم.