الشيخ: المشكل هنا أنه إذا تفاسخا فإن المستأجر قد استوفى المنفعة وأما في البيع فإنه إذا تفاسخا رجعت السلعة إلى البائع وأعطي المشتري الثمن لكن في الإجارة قد استوفى المنفعة، فيقال تفسخ الإجارة ويستحق أجرة المثل لأن المنفعة تلفت تحت يد المستأجر ولم يتفقا على قدر الأجرة بعد فيكون له أي لصاحب العين أجرة المثل.
القارئ: وإن اختلفا في العدوان فالقول قول المستأجر لأن الأصل عدم العدوان والبراءة من الضمان وإن اختلفا في رد العين ففيه وجهان أحدهما القول قول المؤجر لأن الأصل عدم الرد ولأن المستأجر قبض العين لنفسه أشبه المستعير والثاني القول قول الأجير لأنه أمين فأشبه المودع.
الشيخ: في هذه المسألة ينبغي أن ينظر إلى حال الرجلين فمن كان حاله أقرب إلى الاستقامة فالقول قوله ويعرف هذا بحال الشخص، والقاضي لابد أن يكون عنده علم بأحوال الناس حتى يبني الأحكام على ما يعلمه منهم وقوله (ففيه وجهان) نقول ما هو الذي يمشي على القاعدة الوجه الأول أم الوجه الثاني؟ الجواب الوجه الأول لأن كل من قبض العين لحظه فإنه لا يقبل قوله في الرد إلا ببينة.
القارئ: وإن هلكت العين فقال الأجير هلكت بعد العمل فلي الأجرة فأنكره المستأجر فالقول قوله لأن الأصل عدم العمل وإن دفع ثوباً إلى خياط فقطعه قباء وقال بهذا أمرتني فلي الأجرة ولا ضمان علي وقال صاحبه إنما أمرتك بقطعه قميصا فالقول قول الأجير نص عليه لأنه مأذون له في القطع والخلاف في صفته فكان القول قول المأذون له كالمضارب ولأن الأصل عدم وجوب الغرم فكان القول قول من ينفيه ويتخرج أن يقبل قول المالك لأن القول قوله في أصل الإذن فكذلك في صفته ولأن الأصل عدم ما ينفيه فكان القول قوله فيه.