الشيخ: قوله (وليس على الملتقط نفقته لحديث عمر ولأنه لا نسب بينهما) هذا ما لم نقل إن له ولاية إرث فإن قلنا إن له ولاية إرث وتعذر بيت المال فإنه ينفق عليه واجده لأنه في النهاية إذا مات هذا اللقيط فإنه يرثه واجده، فنقول كما أن لك غنمه فعليك غرمه، أما إذا قلنا بالقول المشهور عند العلماء أنه لا توارث بين اللقيط ولاقطه فحينئذ لا تجب عليه النفقة إلا على سبيل فرض الكفاية بحيث لم يقم به أحد إلا هذا اللاَّقط.
القارئ: وإن تعذر الإنفاق عليه من بيت المال فعلى من علم حاله الإنفاق عليه فرض كفاية لأن به بقاءه فوجب كإنقاذ الغريق فإن اقترض الحاكم ما أنفق عليه ثم بان رقيقاً أو له أب موسر رجع عليه لأنه أدى الواجب عنه وإن لم يظهر له أحد وُفِّيَ من بيت المال.
فصل
القارئ: فإن كان الملتقط أميناً حراً مسلما أقر في يده لحديث عمر رضي الله عنه ولأنه لابد له من كافل والملتقط أحق للسبق وفي الإشهاد عليه وجهان أحدهما لا يجب كما لا يجب في اللقطة والثاني يجب لأن القصد به حفظ النسب والحرية فوجب كالإشهاد في النكاح.
الشيخ: لا شك أن الإشهاد أولى من عدمه لئلا يُظَنَّ في المستقبل أنه ولده لا سيما إذا كان يدخل على البيت ويخرج فالقول بالوجوب قولٌ قوي وهو أن يُشهد بأنه التقط هذا الطفل وأنه ليس من أولاده لئلا يظن في المستقبل أنه من أولاده، وأما القياس الذي ذكره المؤلف ففيه نظر بل يقال إنه يجب لئلا يُتهم أنه من أولاده وهو ليس منهم وقوله (لأن القصد به حفظ النسب والحرمة فوجب) المؤلف لو قال (فوجب) وسكت لكان الكلام صحيحاً لا غبار عليه لكنه قال (كالإشهاد في النكاح) فَذِكْره النكاح قياس مع الفارق.