القارئ: وإن كان عاجزاً عن حفظها أو خائف من نفسه عليها لم يجز له قبولها لأنه يغرر بها إلا أن يخبر ربها بذلك فيرضاه فإن الحق له فيجوز بذله.
الشيخ: ما ذكره المؤلف صحيح لكن بشرط أن يرضى رضاً حقيقياً لأن المُودَع قد يقول أنا أقبل الوديعة لكن لا تأمني عليها فلعلي يوماً من الدهر أحتاجها وأتصرف فيها، فإذا قال نعم لا بأس راضياً بذلك فهذا له وإن قال نعم، لأنه ظن أن قوله لا تأمني عليها يريد أن لا يلزمه بها فإنه لا يقبلها ولو رضي لأنه أحياناً يظن المُودِع أن المُودَع لما قال هذا الكلام يريد أن لا يقبلها ولا يأخذها، فإذا علم أن هذا مراده فلا يأخذها وأما إذا علم أنه قَبِلَ أن يتصرف فيها ويأخذ منها ما شاء فالأمر إلى صاحبها.
القارئ: ولا يجوز قبولها إلا من جائز التصرف في المال فإن استودع من صبي غير مأذون له أو سفيه أو مجنون ضمن لأنه أخذ ماله من غير إذن شرعي فضمنه كما لو غصبه ولا يبرأ إلا بتسليمه إلى وليه كما لو غصبه إياه فإن خاف أنه إن لم يأخذه منهم أتلفوه لم يضمنه إن أخذه لأنه قصد تخليصه من الهلاك فلم يضمنه كما لو وجده في سيل فأخرجه منه
فصل
القارئ: والوديعة أمانة إذا تلفت من غير تفريط لم يضمن المُودَع بالإجماع لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس على المستودع ضمان) فإن تلفت من بين ماله ففيها روايتان أظهرهما لا يضمن للخبر ولأنه أمين لم تظهر منه خيانة فلم يضمن كما لو ذهب معها شيء من ماله والأخرى يضمن لأنه روي عن عمر رضي الله عنه أنه ضَمَّنَ أنس وديعة ذهبت من بين ماله.