القارئ: فإن عين له الحرز فقال أحرزها في هذه البيت فتركها فيما دونه ضمن لأنه لم يرضه وإن تركها في مثله أو أحرز منه فقال القاضي لا يضمن لأن من رضي شيئاً رضي مثله وفوقه وظاهر كلام الخرقي أنه يضمن لأنه خالف أمره لغير حاجة فأشبه ما لونهاه.
الشيخ: مثال ذلك إذا قال احفظها في هذا الصندوق الذي هو من الحديد القوي فتركها في الشنطة فسرقت من الشنطة فإنه يضمن، والقاعدة أنه إذا عين صاحبها حرزاً فأحرزها بما هو دونه فإنه يضمن، ولكن إذا أحرزها فيما هو أقوى وأولى ففيه الخلاف لأنه ترك ما عينه له والقول الصحيح أنه لا يضمن لأنه فعل خيراً ولهذا شواهد من الشريعة فالإنسان مثلاً إذا نذر الصلاة في المسجد النبوي فصلى في المسجد الحرام أجزئه لأنه خير وإذا أحرزها في مثلها وذلك بأن قال له صاحب الوديعة احرزها في هذا الصندوق، فأحرزها له في الصندوق الذي عينه ثم إنه نقلها إلى صندوق آخر مثله تماماً فهل يضمن أو لا يضمن؟ الجواب فيه خلاف كما ذكر المؤلف فمن أهل العلم مَنْ قال إنه لا يضمن لأن ما يريده صاحبها هو أن تكون في مكان آمن وليس له غرض في هذا الصندوق المعين الأحمر أو الأخضر أو ما أشبه ذلك، وهذه المسألة محل نظر فالإنسان يتردد فيها لأننا إن نظرنا إلى تعيين صاحبها قلنا يضمن لأنه خالف بدون حاجة وإن نظرنا إلى أن المعنى واحد قلنا لا يضمن، فالخلاصة الآن أنه إن أحرزها بما دونه ضمن وبما فوقه لم يضمن وهذا عندنا جزم فيه أما إن أحرزها بمثله فهذا محل تردد إلا إذا قال أنا أحرزتها بمثله لأنه أخفى وأستر مثل أن يضعها في أقصى الغرفة أو الحجرة ومعلوم أن السارق إذا جاء يسرق فإنه يبدأ بالأدنى لأن هذا هو الغالب فهنا نقول وإن كان المحلان سواء في الحفظ لكنَّ اختلاف المكان يجعل أحدهما أولى.