البيع إلا إذا شق الرجوع مثل أن تكون هذه السلعة بيعت عدة مرات فيشق الرجوع فحينئذ نقول يبقى البيع كما هو والربح للمالك لا للغاصب، وعليه فنقول صورة المسألة الأولى أنه إذا غصب نقوداً واتجر بها ورَبِحَتْ فإن وقع العقد عليها فالمذهب أن البيع باطل ويجب أن ترد ولو بعد عشرة عقود والقول الثاني أن البيع صحيح للضرورة والربح للمالك فهذه مسألة والمسألة الثانية أنه إذا اشترى بذمته ونقد من الدراهم المغصوبة فَلِمَنْ يكون الربح؟ الجواب فيه روايتان الرواية الأولى أنه للمالك والرواية الثانية أنه للغاصب ووجه كونه للغاصب أن العقد لم يقع على عين المغصوب وإنما وقع العقد في ذمة الغاصب وكونه سدد الثمن من المغصوب فهذه جناية بلا شك لكن البيع صحيح وهذا أقرب للقياس أن نقول إن البيع صحيح وهو آثم في كونه نَقَدَهَا من هذه الدراهم ولكن إذا حصل ربح فليس هو مبني على هذه الدراهم.
فصل
القارئ: وإن غصب عيناً فاستحالت كبيض صار فرخا وحب صار زرعا وزرع صار حباً ونوى صار شجراً وجب رده لأنه عين ماله فإن نقصت قيمته ضمن أرش نقصه لحدوثه في يده وإن زاد فالزيادة لمالكه ولا شيء للغاصب بعمله فيه لأنه غير مأذون فيه وإن غصب عصيراً فتخمر ضمن العصير بمثله لأنه تلف في يده فإن عاد خلاً رده وما نقص من قيمة العصير لأنه عين العصير أشبه النوى يصير شجرا.
الشيخ: صورة المسألة إنسان غصب نوى والنوى هو بذر النخل فبذره في الأرض فصار نخلاً فيكون هذا النخل لمالك النوى فإذا كان قد غصب عشرين نواة فإنه يحصل له عشرين نخلة وهذا التعب من الغاصب بالسقي والملاحظة والمراعاة كله يضيع هدراً لحديث (ليس لعرق ظالم حق) لكن هذه المسألة فيها نظر لأنه قد يقال إن هذا الرجل لا شك أنه ظالم فإما أن يضمن النوى بمثله وإما أن يقال هو شريك مع الغاصب ويكون كأنه ساقاه.