الشيخ: هذه المسألة على إطلاقها فيها نظر وذلك أنه إذا غصب أرضاً وغرس أو بنى فيها وقال الغاصب أنا أريد أن أقلع غرسي وبنائي وقال صاحب الأرض أنا أعطيك قيمتها إما أن تحصي ما اشتريت به وما أنفقت عليها وإما تُقَوَّم الأرض خالية من الغراس والبناء ثم تُقَوَّم مغروسة وما بين القيمتين نسلمه لك، لكن الغاصب أبى ولم يوافق فظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يجبر لأن الغراس والبناء ملك الغاصب فلا يجبر على أن يأخذ عوضاً عنه ولكن ينبغي أن يقال إن كان للغاصب غرض صحيح فنعم لا نجبره وإن لم يكن له غرض صحيح بحيث يقلع الغراس ويرميه في البر أو يهدم البناء المسلح والمسلح إذا هُدِمَ ضاعت ماليته حتى الحديد الذي فيه يكون غير صالح للاستعمال إلا بتعب فهنا نقول يجبر الغاصب على أخذ العوض ويبقى الغراس والبناء لصاحب الأرض ووجه ذلك:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن إضاعة المال).
ثانياً: أنه صلى الله عليه وسلم قال (لا ضرر ولا ضرار).
ثالثاً: يمكن أن يُحتَجَ لذلك أيضاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يمنع جارٌ جاره أن يغرز خشبه على جداره) وبأنه (أجبر الجار على إجراء الماء إلى أرض جاره الأخرى) فالصواب التفصيل.
القارئ: وإن وهبه الغاصب الغراس أو البناء لم يجبر على قبوله إن كان له غرض في القلع لأنه يفوت غرضه وإن لم يكن له فيه غرض احتمل أن يجبر لأنه يتخلص به كل واحد منهما من صحابه بغير ضرر واحتمل أن لا يجبر لأن ذلك عين يمكن إفرادها فلم يجبر على قبولها كما لو لم يكن في أرضه.