الشيخ: هذه المسألة غير المسألة الأولى فهنا غصب أرضاً وقلع من جانب منها غِرَاساً وغرسه في الجانب الآخر من الأرض فالأرض والغراس ملك لمالك الأرض فيقول المؤلف رحمه الله إذا طالبه بالقلع وله فيه غرض لزمه يعني لو قال له اقلع النخل فقال له الغاصب هذا نخلك وهذه الأرض أرضك فقال صاحب الأرض اقلعها لأني أريد أن تكون هذه الأرض أرضاً بيضاء صالحة للزرع أو قال أريد أن تقلع الغرس لأني أريد أن أبني عليها، فهذا غرض صحيح فله أن يطالب الغاصب بالقلع وفي هذه الحال يضمن الغاصب النقص الذي حصل بسبب الغراس أو بسبب البناء الذي بُنِي على الأرض، وإن لم يكن له فيه غرض صحيح يقول المؤلف (لم يجبر عليه لأنه سفه ويحتمل أن يجبر) أي الغاصب لأن إجبار المالك على قلعه سفه فإن بقائه خير للمالك وخير للغاصب، ثم قال المؤلف (ويحتمل أن يجبر لأن المالك محكم في ملكه) والظاهر أن القول الأول أصح إذا لم يكن له فيه غرض، وهل للغاصب أن يقلعه؟ الجواب: لا، ليس له ذلك لأن الأرض ملك لصاحب الغراس والغراس ملك لصاحب الأرض وليس للغاصب إلا أثر الفعل فقط فلو قال الغاصب أنا أريد أن أقلع ما غرست أو أهدم ما بنيت قلنا: لا، لأن الغراس والأرض مالكهما واحد.
فصل
القارئ: فإن حفر فيها بئراً فطالبه المالك بطمها لزمه لأنه نقل ملكه وهو التراب من موضعه فلزمه رده وإن طلب الغاصب طمها لدفع ضرر مثل أن جعل ترابها في غير أرض المالك فله طمها لأنه لا يجبر على إبقاء ما يتضرر به كإبقاء غرسه وإن جعل التراب في أرض المالك ولم يبرئه من ضمان ما يتلف بها فله طمها لأنه يدفع ضرر الضمان عنه وإن أبرأه من ضمان ما يتلف بها ففيه وجهان أحدهما يبرأ لأنه لما سقط الضمان بالإذن في حفرها سقط بالإبراء منها فعلى هذا لا يملك طمها لأنه لا غرض فيه والثاني لا يبرأ بالإبراء لأنه إنما يكون من واجب ولم يجب بعد شيء فعلى هذا يملك طمها لغرضه فيه.