الوجه الثاني أننا لو قلنا إنها من الفاتحة لكان للفاتحة ثمان آيات وهي بالإجماع سبع آيات فإما أن تقول ثمان آيات وإما أن تكون سبع آيات غير متناسبة لأنه إذا جعلنا البسملة آية صار قوله (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) كلها آية وهذا طويل ثم إننا إذا قسمناها فيما بين الله وبين العبد نصفين تعين أن لا تكون البسملة منها لأن (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ثلاث آيات هذه لله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) الرابعة هذه بين الله وبين العبد (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) هذه الثلاث آيات للعبد فتكون الثلاث آيات الأولى لله خالصة والرابعة بينه وبين العبد والخامسة والسادسة والسابعة خالصة للعبد فهذا هو الصحيح أنها ليست من الفاتحة وكذلك ليست من غيرها والدليل على ذلك حديث عائشة في كيفية بدء الوحي أن جبريل قال له (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ولم يذكر البسملة.
القارئ: ومن نسي الاستفتاح حتى شرع بالاستعاذة أو نسي الاستعاذة حتى شرع في البسملة أو البسملة حتى شرع في الفاتحة على الرواية التي تقول ليست من الفاتحة لم يرجع إليها لأنها سنة فات محلها.
الشيخ: وهذه عندهم ضابط كل سنة فات محلها فإنها لا تقضى لأنك لو قضيتها لأتيت بها في غير محلها ولكن على هذه القاعدة يقال لو نسي الاستعاذة حتى شرع في البسملة فهو لا زال في محل الاستعاذة فلو قيل بأنه يستعيذ لكان خيراً كما أنه لو نسي الركوع مثلاً في الصلاة رجع إليه وركع فلو قيل بأنه يرجع إذا نسي الاستعاذة حتى شرع في البسملة أو نسي البسملة حتى شرع في الفاتحة أنه يرجع لكان له وجه.