الأمرين ثابت لا محالة لكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نفى الأمرين بناءً على ظنه أنه أتم صلاته وهذا مما يدلنا على أن الإنسان إذا أخبر بحسب ظنه فإنه يعتبر عند الله صادقاً ولهذا لا يحنث في اليمين لو حلف على اليمين بناءً على غلبة ظنه لم يكن حانثاً ولا حتى في المستقبل ولم يكن آثماً بالنسبة للماضي فلو قال والله ليقدمن زيدٌ غداً بناءً على ظنه ولم يقدم فإنه لا حنث عليه لما قال (لم أنس ولم تقصر) فقال بلى قد نسيت وهي محذوفة في بعض الألفاظ قال بلى قد نسيت فجزم بأنه ناسي ولم يجز بأن الصلاة مقصورة لأن النسيان أقرب إلى جهل الحكم بالنسبة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام لأن النسيان يقع منه لكن كونه يجهل الحكم هذا بعيد أو مستحيل فجزم بالقسم الثاني وهو أنه نسي فتعارض عند النبي عليه الصلاة والسلام أمران ظنه وخبر ذي اليدين فهل يأخذ بظنه أو يأخذ بخبر ذي اليدين (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) الآن تنازع هذان عند النبي عليه الصلاة والسلام ظنه وخبر ذي اليدين فلم يبق إلا أن يرجع إلى الطرف الثالث وهم الصحابة المشاركون له في العمل فقال (أكما يقول ذو اليدين) قالوا نعم وهذه الصراحة في الحق ما جاملوا النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا أبداً ما نسيت ولا قصرت الصلاة، قالوا نعم نسيت لأن الله قد رباهم فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) قالوا نعم قال فتقدم فصلى ما ترك من صلاته ثم سلم تقدم هذا يدل على أن الإنسان لو حصل مثل هذا وقام عن مكانه فإنه يرجع إلى مكانه الأول ويصلي ما ترك وفي قوله صلى ما ترك ما يشير إلى ما قاله المؤلف من أنه يجلس ثم يقوم وذلك لأنه ترك القيام من الجلوس إلى القيام يعني أن هذا النهوض من جملة ما تركه فيقتضي أن يجلس ثم يقوم ليكون