تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) وهذا كما رأيتم إن صح عام يمكن أن يخصص فيقال لا تنتفع من الميتة بإهاب إلا إذا دبغتموه فيكون عاما فيحمل على الخاص فيقال هذا ما لم يدبغ بدليل أنه قرنه بالعصب والعصب لا يدبغ فإذا صح الحديث فالمراد به الإهاب الذي لم يدبغ فلا ينتفع به وقالوا أيضا دليل آخر غير الحديث كما أن لحم الميتة لا يطهر بالطبخ مع أن الطبخ يزيل ما فيه من الخبث فكذلك الجلد لا يطهر بالدبغ وهذا القول هو المشهور من مذهب الحنابلة عند المتأخرين لكنهم قالوا يجوز الانتفاع به في اليابسات فقط وبعد الدبغ فقط القول الثالث يقول يطهر جلد ما كان طاهراً في الحياة مثل الهر والحمار على قول والبعير والشاة والمأكول مطلقاً لأنه طاهر في الحياة وعللوا ذلك بأن هذا الجلد كان في الحياة طاهرا فلما حل به الموت صار نجسا فإذا دبغ عاد إلى حاله الأولى فيكون طاهراً والقول الرابع أنه يطهر جلد ما تحله الذكاة فقط واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (دباغ جلود الميتة ذكاتها) فجعل الدبغ بمنزلة الذكاة والذكاة لا يجري حكمها إلا فيما تبيحه الذكاة وعلى هذا فيطهر جلد الغنم والبقر والإبل والضباع والأرانب دون جلود السباع والهرة وما أشبه ذلك وأقرب الأقوال أنه يطهر جلد ما تحله الذكاة هذا أقرب الأقوال ويدل له حديث ميمونة لما قالوا له إنها ميتة (قال إنما حرم أكلها) وفي لفظ (يطهرها الماء والقرض).