القارئ: الشرط الرابع أن يتقدمها خطبتان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين يقعد بينهما متفق عليه وقد قال (صلوا كما رأيتموني أصلي) وقالت عائشة رضي الله عنها إنما أقرت الجمعة ركعتين من أجل الخطبة.
الشيخ: لو استدل المؤلف بالآية لكان أولى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ) ولم يقل فإذا قضي الذكر فدل هذا على أن هناك ذكراً يجب حضوره يكون قبل الصلاة وهذا استدلال واضح أما كون الرسول يخطب خطبتين ويقول (صلوا كما رأيتموني أصلي) فهذا قد ينازع فيه ويقال إن هذا خارج عن الصلاة فلا يدخل تحت الأمر وأما أثر عائشة فهذا ينظر فيه هل ثبت عنها ذلك أو لا؟ فإن كان ثبت عنها ذلك فقد قالته تفقهاً رضي الله عنها ويكون من اجتهادها وقد تخطئ وقد تصيب.
القارئ: ومن شرط صحتها حضور العدد المشروط للصلاة لأنه ذكر اشترط للصلاة فاشترط له العدد كتكبيرة الإحرام فإن انفضوا وعادوا ولم يطل الفصل صلى الجمعة لأنه تفريق يسير فلم يمنع كالتفريق بين المجموعتين ويشترط لهما الوقت لذلك ويشترط الموالاة في الخطبتين فإن فرق بين الخطبتين أو بين أجزاء الخطبة الواحدة أو بينهما وبين الصلاة فإن طال بطلت وإن كان يسيراً بنى لأنهما مع الصلاة كالمجموعتين ويحتمل أن الموالاة ليست شرطا لأنه ذكر يتقدم الصلاة فلم يشترط الموالاة بينهما كالأذان والإقامة.
الشيخ: نعم الصحيح أنه لا يشترط الموالاة بينهما وبين الصلاة لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام يكلم رجلاً كلاماً طويلاً بعد الخطبة وقبل الصلاة فالصواب أنه ليس بشرط أما الموالاة بين الخطبة الواحدة أي بين أجزائها فالظاهر أنها شرط وأما الموالاة بين الخطبتين فالسنة إنما جاءت بفصل يسير بينهما.