للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: التعليل الثاني يدل على أنه كلما كان الشيء أبلغ في الإعلام كان أولى وعلى هذا فاستعمال مكبر الصوت في خطبة الجمعة أولى من عدم استعماله وقد كان أول ما خرج نزاع بين الناس هل يجوز أو لا يجوز فبعضهم قال إنه لا يجوز استعمال مكبر الصوت في الخطبة لأنه يشبه أبواق اليهود ومنعوا من أن توضع في مساجدهم وهكذا كل شيء يخرج جديداً على الناس تجد الناس يتنازعون فيه ثم يستقر الأمر على ما فيه الخير فالصواب أن استعمال مكبر الصوت من الأمور المطلوبة لأنه أبلغ في الإعلام وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي رأى الأذان قال له (ألقه على بلال فإنه أندى صوتاً منك) وأمر عمه العباس بن عبد المطلب في غزوة الطائف أن ينادي الصحابة الذين أدبروا لأنه كان جهوري الصوت فدل هذا على أن ما قصد به الإعلام كان كلما ارتفع الصوت فيه فهو أولى فإذا قال قائل إذاً ما فائدة كونه على منبر أو موضع عال نقول الفائدة عظيمة وهي المشاهدة لأن كون الناس يرون الخطيب وانفعالاته وتأثراته أبلغ مما إذا سمعوا صوته فقط وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا خطب احمرت عيناه واشتد غضبه وعلا صوته فلابد أن يتأثر وهذا لا يحصل إلا إذا كان على موضع عال ولهذا إذا جاءت نسخة من حال الخطيب قولية أو مرئية لم يكن تأثيرها كتأثير الخطيب حين يشاهد الآن، يخطب الخطيب أمام الناس خطبة يتأثر الناس منها كثيراً فإذا سمعوها مسجلة في الشريط لم يتأثروا بها ذاك التأثر بل قد يقول القائل هل هذه هي الخطبة التي سمعناها من فلان لعلها خطبة كانت قديمة لأنه لم يتأثر كذلك أيضاً لو شاهدناه عبر التلفاز وهو يخطب هل تكون مشاهدتنا له كمشاهدتنا له مباشرة؟ لا ولهذا نقول يسن أن يكون على موضع عالٍ ليراه الناس ولكن ما رأيكم في قوم حاضرين يشاهدون الخطيب لكن بأعينهم أو يشاهدون المعلم لكن بأعينهم يستفيدون؟ ما يستفيدون أبداً ما يستفيد إلا إذا أراد

<<  <  ج: ص:  >  >>