الثاني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل) والأصل في الأمر الوجوب لأن الله هدد المخالف فقال (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الثالث أن الصحابة فهموا الوجوب فإن عثمان بن عفان رضي الله عنه أتى وعمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة وكأنه عرَّض به فقال والله يا أمير المؤمنين ما زدت على أن توضأت ثم أتيت فقال والوضوء أيضاً وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل) فلامه على ذلك ولا موجب لصرفه عن الوجوب ليس فيه إلا حديث سمرة المرسل الركيك اللفظ وهو قوله (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل) هذا الكلام بمجرد ما تسمعه تكاد تجزم أنه لم يخرج من مشكاة النبوة كلام ركيك وبعيد أن يكون الرسول قد قاله عليه الصلاة والسلام على ما في الخلاف من حديث الحسن عن سمرة ونقول أيضاً إيجاب ذلك على الناس أحوط من عدم الإيجاب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه).
فإن قال قائل هل وجوبه كوجوب الغسل من حدث بحيث لو لم يفعل لم تصح صلاته؟ فالجواب لا لأن الصحابة يكاد يكون إجماعاً بينهم في قصة عمر أنه أي الاغتسال ليس بشرط لصحة الصلاة بل هو واجب للصلاة وليس شرطاً فيها.
فإن قال قائل وهل يجزئ الغسل بعد الصلاة؟ فالجواب لا لأن الغسل للجمعة أي لصلاة الجمعة وإذا انتهت الصلاة فلا فائدة من الغسل لأنه انتهى المقصود.