القارئ: والشهيد إذا مات في المعركة لم يُغَسّل رواية واحدة وفي الصلاة عليه روايتان إحداهما يصل عليه اختارها الخلال لما روى عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف متفق عليه والثانية لا يصلى عليه وهي أصح لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم رواه البخاري وحديث عقبة مخصوص بشهداء أحد بدليل أنه صلى عليهم بعد ثمان سنين.
الشيخ: الصحيح في هذه المسالة أن المقتول شهيداً في المعركة لا يغسل لأنه لو غسل لزال أثر الدم الذي يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب اللون لون الدم والريح ريح مسك وكذلك لا يكفن بل يدفن في ثيابه وإنما لا يكفن من أجل أن تبقى ثيابه التي استشهد فيها عليه ونظير ذلك إذا مات وهو محرم فإنه يكفن في ثوبي إحرامه كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام (كفنوه في ثوبيه) وكذلك لا يصلى عليه لماذا؟ لأن الصلاة شفاعة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه) والشهيد غني عنها لأن الشهادة تكفر كل شيء من المعاصي إلا الدين الذي هو حق الآدمي فلابد من قضائه وإذا كان كذلك فإنه لا يصلى عليه ولهذا لم يصلّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على شهداء أحد وأما صلاته عليهم في آخر حياته صلوات الله وسلامه عليه فإن هذا من باب الدعاء لهم كالمودع وليست هي الصلاة على الجنازة لأن الصلاة على الجنازة يجب أن تكون قبل الدفن وهذا بعد الدفن بسنوات فالصواب ما ذكره المؤلف أولاً أنهم لا يغسلون ولا يكفنون ولا يصلى عليهم.
ويدفنون في أي مكان؟ في مصارعهم التي استشهدوا فيها ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد من نقل من شهداء أحد أمر بردهم إلى مصارعهم.