للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأنك تقرأ مسلسلا كارتونيا للأطفال، على كل حال لنتابع تحليلات تيزني الماركسية: ولقد استمدت الإلهات الإناث ألوهيتهن من أنهن كن بنات الله والشفيعات عنده. ولكنهن يبدأن بفقد تلك الصفة إطلاقا بعد هيمنة الله، بمثابة الإله الذكري الأعظم. ولنلاحظ أن تصورات البنوة والأبوة والأمومة التي هيمنت طويلا ضمن مراحل الاختلاط القرابي الجنسي في مجتمع يجعل من الخصب الزراعي والطبيعي عموما على ضحالته خصبا جنسيا، تنحل لصالح تصور واحد، هو الألوهية الذكرية الأحادية، وإن لم يصف نهائيا. وهذا ما سنلاحظه ضمنا في النص القرآني الذي يتحدث عن روح الله وكلمة الله. لقد كان على الآلهة الأنثوية أن تخلي- مع الآلهة الأخرى- الساحة أمام الله الأعظم، ولكن بعد عملية استبدال بنيوي ووظيفي، تطرأ على هؤلاء جميعا. فحفاظا على التوحيد الإلهي الجديد نلاحظ أن قسما كبيرا من الآلهة السابقة يتحول إلى ملائكة، خاضعة لهيمنة الرب- السيد الجديد .. (١).

إلى أن قال: وعلى هذا يمكن القول إن الله الإسلامي اللاحق لم يفقد جذوره الوثنية المكية بصورة تامة (٢).

وصور لنا محمد الشرفي الله والنبي والإسلام تصويرا بأسلوب تهكمي فقال: ولقد خضع الأصوليون لعمليات تمذهب مارسها عليهم منظروهم ومرشدوهم بحيث حُشيت أدمغتهم بتاريخ مشوه غاية التشويه ومثالي موغل في المثالية، فالله في زعمهم قد خلق الإنسانية لأجل أن تطيعه، واختار النبي محمدا، وهو رجل كامل ليبلغ أوامره إلى هذه الإنسانية، وقد تبعته قلة قليلة من المخلصين، وجميعهم


(١) مقدمات أولية (١٣٦ - ١٣٧).
(٢) نفس المرجع (١٤٣).

<<  <   >  >>