فلا يفتأ العلمانيون من التعلق بالمعتزلة وابن رشد ويعتبرون أنفسهم امتدادا لتياراهم العقلاني.
ولخبرتي -والحمد لله- بمذاهب المعتزلة سأخص هذه المسألة بكتاب مفرد، أعني المعتزلة والتوظيف العلماني. لنبين فيه أن تعلق العلمانيين بالمعتزلة هو كما قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} النور٣٩.
وثانيا: لأن الشافعي هو أول من صنف في علم أصول الفقه، الذي يعد آلية منهجية لقراءة النصوص الدينية. وهذا يقطع الطريق على المناهج العلمانية النقدية الحديثة.
وثالثا: لأن الشافعي قرر حجية السنة تقريرا موسعا معبرا عن الرأي المستقر عند العلماء كافة بما فيهم الأحناف وأنها المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن.
ولفرط جهله ظن أن الشافعي هو صاحب هذه الأطروحة التي سببت أرقا كبيرا لأبي زيد.
فهذه ثلاثة أسباب وجيهة، كل واحدة كافية لإزعاج نصر أبي زيد حتى يفقد صوابه واتزانه فينطلق مشككا لافظا التهم هنا وهناك ولو كانت غير منطقية ولا معقولة، المهم أن يقول شيئا ولو كان تافها.
ابن تيمية.
قال عبد الوهاب المؤدب عنه: الشخص القمعي الفردي العدواني بطبيعته والمسرحي الاستعراضي (١).
(١) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (١١٦)، وانظر (١١٢) منه.