أغلب العلمانيين لا يعظمون النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصلون عليه ولا يترضوا عن الصحابة كباقي المسلمين، مثل أركون وعبد الوهاب المؤدب وحسن حنفي وهاشم صالح وعزيز العظمة وعلي حرب وعبد الله العروي وطيب تيزيني وغيرهم.
والقليل جدا منهم من يخالف هذا كمحمد سعيد العشماوي والقمني أحيانا، ولا أراه إلا من باب ذر الرماد في العيون أو ركوب الموجة واستغلال مرحلي للدين في انتظار انتهاز الفرصة المناسبة للقطيعة التامة مع النبي وطقوسه. وهذا منهج القمني قطعا لدلالات كثيرة ليس هذا محل بسطها، بل قد اعترف بذلك.
ويتحاشى بعض العلمانيين التصريح بإنكار الوحي اعتبارا للأوضاع السائدة وخوفا من ردود الأفعال، وحتى عندما يطلق بعضهم لفظ الوحي في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي الأغلب يقصدون معنى خاصا به، أو تماشيا مع اللغة الدينية لا غير.
فطيب تيزيني مثلا يرى أن حقيقة الوحي هو صوت باطني يسمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - من داخله نتيجة لعملية اختزان ذهني كبير عبر التردد على غار حراء.
ولننقل عبارته بتمامها: وجدير بالذكر أن السنوات التي قضاها مترددا على غار حراء كانت هامة بالنسبة إلى تحقيق عملية اختزان ذهني كبير، أسهمت في بلورة شخصيته الثقافية عموما، وجعلت -من ثم- الانتقال إلى حلقة نوعية جديدة أمرا محتملا. وهذا ما قد يضعنا بحسب أصحاب التحليل النفسي وجها لوجه أمام ما يرونه من أن الصوت الذي يوحي للإنسان في حالة الاستغراق الروحي الذاتي، في اتباع طريق ما هو ظاهرة تتحدر من خافية الإنسان أو وعيه الباطن. مع الإضافة بأن هذه الخافية تكمن خارج حقل مراقبته المباشرة، مما يقود إلى أن الوحي الذي تلقاه محمد