على كل حال لنتابع لنفهم ماذا يريد أن يقول لنا أبو زيد:
قال: هذه التعدية النصية في بنية النص القرآني تعد في جانب منها نتيجة للسياق الثقافي المنتج للنص (١٠٥).
كما لاحظ أبو زيد أن القرآن يتشابه مع نصوص الثقافة السائدة آنذاك التي أنتجت النص، ولم يَرَ وجها للمغايرة بينهما إلا من جهتين فقط: من حيث الحجم أو من حيث المدى الزمني الذي استغرقه النص في تشكله النهائي (١٠٥).
وفي كتابه مفهوم النص تكلم بلغة أوضح، حيث قال (٢٤): إن النص في حقيقته وجوهره منتج ثقافي، والمقصود بذلك أنه تشكل في الواقع والثقافة خلال فترة تزيد على العشرين عاما.
وقال (٢٥): وحين نقول تشكلت فإننا نقصد وجودها المتعين في الواقع والثقافة بقطع النظر عن أيّ وجود سابق لهما في العلم الإلهي أو في اللوح المحفوظ. انتهى.
وهذا علماني معجب بنصر أبي زيد اسمه إلياس قويسم يقرر بكلام لا لبس فيه أن هدف أبي زيد هو أَنْسَنَة النص القرآني وأنه نص دنيوي وليس ظاهرة غيبية مفارقة، أي: بيان بشريته، يقول: بهذا نقول إنّ نصر حامد قد اتّجه صوب أَنْسَنَة النص القرآني من خلال الفصل في مجال البداية، بحيث يغدو نمط التعامل معه على أساس أنه نص لغوي أو منتج ثقافي تماما كما فهمه أدونيس (١).
وقال: من ثم يغدو النص القرآني نصا دنيويا وليس ظاهرة غيبية مفارقة أو خارقة، بل بصفته ظاهرة مشروطة محايثة، بمعنى جعله ممارسة خطابية هي في المنتهى فعالية بشرية تاريخية دنيوية دهرية تحمل شروط إمكانها الثقافية