للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليستنتج لنا- وهذا هو الهدف المقصود- أن لفظ القرآن لا يصح أن يطلق حقيقة إلا على الرسالة الشفوية التي بلغها الرسول إلى الجماعة التي عاصرته، أما ما جمع بعد وفاته فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بهذا الجمع ولم يتفق عليه الصحابة، وترددوا حتى في الاسم الذي سيطلقونه على هذه الظاهرة حسب تعبيره (١).

ليؤكد في النهاية أن توحيد رواية هذه المدونة جاء بقرار سياسي في عهد عثمان (٢).

إذن فالمسألة سياسة بامتياز، وهذا المصحف الموجود بين أيدينا نتاج سياسي لسلطة سياسية يخدم مشروعا سياسيا معينا.

وهذا يلتقي مع كلام أركون تماما في تشكيكه في نص المصحف وأنه زِيد ونقص منه حسب رغبات الفاعلين الاجتماعيين.

لكن ماذا عن تكفل الله بحفظ القرآن الكريم؟ ما رأي علامة تونس الشرفي؟

يجيب على الفور: إن الذكر الذي وعد الله بحفظه هو المحتوى وليس الظرف، هو مضمون الدعوة بما انطوت عليه من تبشير وإنذار ومن توجيه وإرشاد، وليس الألفاظ والتعابير التي صيغت فيها تلك الدعوة والتي دونت في ظرف معين وتنتسب إلى قوم بأعيانهم ولها نحوها وصرفها وقواعدها ولا تختلف في هذا المستوى عن أية لغة أخرى (٣).

يريد الشرفي أن يقول إن الله لم يحفظ القرآن من التغيير والتبديل، بل حفظ مضمون الشريعة فقط، ثم زادنا من تحليلاته الباهرة المبهرة التي سرقها من كتب المستشرقين،


(١) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (٤٩).
(٢) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (٤٩).
(٣) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (٥٠).

<<  <   >  >>