ويستنتج أبو زيد أن الإسلام لم يلغ الكهانة، بل استند إليها لسببين:
الأول: إن إلغاء الكهانة يستلزم إلغاء أساس النبوة الوجودي، ومن ثم تصبح ظاهرة النبوة ذاتها في حاجة إلى تفسير جديد.
والثاني: إن الكهانة والعرافة كانتا معيارا لدى العرب ما قبل الإسلام لإثبات حقيقة النبوة من جهة، وكانت وسيلة للتنبؤ بالنبي الجديد المرتقب من جهة أخرى (١).
وهكذا تقلب الحقائق رأسا على عقب، وكل هذا لا يهم في نظر أبي زيد ما دام يحقق الهدف المطلوب، إنه ما سماه بعض العلمانيين بإرادة الإيديولوجيا، بدل إرادة المعرفة.
لكن لا بأس أن نقف على شهادات لثلاثة علمانيين في أطروحة نصر أبي زيد هذه، لنؤكد من خلالها مذهب الرجل الذي ناضل طول حياته لنصره والذوذ عنه، وهو بشرية القرآن الكريم.
الأولى: يبين لنا إلياس قويسم في النص التالي كيف حاول أبو زيد رفع الصبغة الإلهية عن الوحي وربطها بأنساق مادية تاريخية، قال: نجد أن نصر حامد من خلال السيميوطيقا ينظر إلى البعد الأول «الوحي» على أنه تجربة إنسانية، وأنه مجموعة من العناصر تتآلف وتتسق طبقا لقوانين منضبطة، فلا بد من تحليل تلك العناصر الكامنة وراء ظاهرة الوحي، وهذا التحليل يؤدي إلى استخلاص العلاقات التي تربط هذه العناصر ببعضها، ومن ثم معرفة النظام الكامن وراء الوحي، ونعني به الثقافة: الكهانة والعرافة والشعر