للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتاريخيتها، أي: تجاوزها التطور التاريخي الذي تجاوز مجتمعات البداوة (١).

وواضح أن كل هذه التفاهات تتساقط إذا أكدنا على البعد الإلهي للقرآن وللنصوص الدينية، لأنه ما دام أن الله هو مشرعها ومنشؤها فهو أعلم بما يصلح لعباده، وهو أعرف بالثوابت والمتغيرات، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.

لكن لما كانت هذه المقاربة تكر على الطرح العلماني بالإبطال وتجتثه من أصله تسارع العلمانيون إلى التأكيد على بشرية القرآن وكونه ابن بيئته، ووليد ثقافة عصره.

ولهذا فأنا أقول: إن العلمانية تدور على الإلحاد لا غير، ويستحيل وجود مؤمن علماني، إلا إذا كانت تجتمع فيه المتناقضات، وإلا فإن من يكون علمانيا يستحيل أن يكون مؤمنا.

لأن الإيمان ذو مرجعية غيبية ما ورائية، أو لنقل لا عقلانية (٢)، والعلمانية تناقض هذه المبادئ مناقضة تامة لا وساطة بينهما، فإما الإيمان وإما الإلحاد.

وأغلب العلمانيين ملاحدة، وبعض العلمانيين الذين قد يصرحون بإسلامهم وإيمانهم لا يخرجون عندي عن أحد أمور:

أولا: أن يكون ذلك من باب التقية فقط، لكي لا يصدم الجماهير المؤمنة وبالتالي يكون لذلك آثار سلبية عليه أو على دعوته.

فالحاجة للتواصل مع الجماهير تكون مقدمة على الاصطدام معها، وبالتالي الإضرار بالعلمانية.

وقد صرح القمني وأركون وغيرهما بهذا.


(١) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (١٠٩).
(٢) العقل هنا بمفهومه العلماني.

<<  <   >  >>