للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كلام موافق لخلف الله في غاية الوضوح والصراحة. فقصة يوسف مثلا ليست واقعية حقيقية، وصدقها هو فيما تحدثه فينا من انفعال وإعجاب، لا أنها صادقة في نفس الأمر.

ثم يزيد مؤكدا: وبما أن الهدف من القصص القرآني هو ضرب المثل واستخلاص العبرة فلا معنى لطرح مسألة الحقيقة التاريخية (١).

ثم يبدي مراوغة ذكية لكنها مكشوفة فيقول: نعم إن القصص القرآني ليس قصصا خياليا، بل هو قصص يتحدث عن وقائع «تاريخية» تدخل ضمن معهود العرب (٢).

ثم ذكر أن العرب كانت لهم خبرة بأخبار الأمم وقصص الماضين.

ووضع «تاريخية» بين مزدوجتين ليبين أنها ليست تاريخية حقيقية، وأكد ذلك بتقييده ذلك بمعهود العرب.

أي: القصص القرآني في نظره لا يدل على وقائع تاريخية حقيقية، ولكنه حسب ما كان شائعا ومعهودا في الحكايات الشعبية لدى العرب، فهي ليست خيالا محضا، ولكنها حكاية لما كان شائعا في الأوساط العربية. وهذا ليس استنتاجا مني، بل هو منطوق كلامه.

وزاده تأكيدا بقوله: من الذين كتبوا في هذا الموضوع وأثارت آراؤهم جدلا في الخمسينات من القرن الماضي كتاب المرحوم محمد خلف الله: الفن القصصي في القرآن. وقد انتهى فيه إلى أن القصة القرآنية لم يكن هدفها التاريخ بل العظة والاعتبار. وأن هناك أقوالا جاءت على لسان بعض الشخصيات في القصة أنطقها القرآن على لسانهم. وأن مضمون القصة القرآنية هو ما يعرفه المعاصرون للنبي من تاريخ، ومع أننا لا نختلف كثيرا حول هذه النتائج إلا أن طريقنا إليها يختلف عن طريق خلف


(١) نفس المرجع (٢٣٩).
(٢) نفس المرجع.

<<  <   >  >>