وقد جرت عادة المؤرخين رواية كل ما سمعوه ووجدوه عند شيوخهم بغض النظر عن صحته، فإذا وقف عليها الناقد الخبير، لا الانتهازي المترصد، ميّز الصحيح منها من الض
فإن كان ممن يقتات على القمامة، فلن يسيل لعابه إلا على أكثرها تعفنا وأشدها حموضة.
فلا يكفي عند حكاية أية رواية من تاريخ الطبري وابن كثير وابن سعد ونحوها الاحتجاج بها دون النظر في سندها، وإلا صارت من الصحاح المتفق عليها. فالدراسة النقدية تلزم الباحث عند أخذ أيّ نص منها النظر في صحة سنده، ثم في صحة متنه وبعده عن تلفيقات الإخباريين وهوسهم التي مكانها المسامرات والنوادي لا البحث العلمي. نقول هذا للعقلاء كي يميزوا، أما من لا تطيب نفسه إلا بالقمامة، وكلما كانت رائحتها أشد كانت أحلى عنده، فلا ينفع معه كلام.
وإذا كانت كتب الحديث والفقه وعلوم القرآن ليس كل ما فيها صحيحا، بل فيها الصحيح والضعيف والساقط والواهي، فما بالك بكتب التواريخ والسير؟
لهذا وقطعا لطريق العلمانيين في هذا الباب رأيت أن أفرد مسألتين هامتين بالتأليف، حاول العلمانيون الولوج منها للتشكيك في قرآننا ونشر الأكاذيب عن صحابة نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
الأول: نقد الأخبار الواردة في جمع المصحف وتدوينه. دراسة حديثية نقدية.
الثاني: نقد الأخبار الواردة في الخلافة الراشدة. دراسة حديثية نقدية.
ولحسن الحظ هذا علماني ينكر على إخوانه هذه الفعلة، قال محمد نور فرحات في البحث عن العقل (٣٨ - ٣٩): والذين يستشهدون من التاريخ الإسلامي