للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن السلوك الأنسني (١) الذي أدافع عنه في كتابي هذا لا يهدف إلى إصلاح ما هو داخل في إطار الانغلاق العقائدي فحسب، بل إلى الخروج من هذا الإطار بالمعنى الذي يقصده مارسيل جوشيه وغيره من المفكرين كجياني فاتيمو عندما يتحدثون عن الخروج من الدين أو عن مسيحية غير دينية.

وهذا كلام واضح كذلك، ويزيده تأكيدا قوله في نفس الكتاب (١٤٤): ذلك لأن المواضيع المطروحة في هذا الكتاب وخاصة في هذا الفصل تهدف إلى فتح الطرق وإلى اقتراح أدوات تفكير تقود إلى الخروج نهائيا وبغير رجعة من التكراريات العقائدية والمنتجات الفكرية للعصور الوسطى.

وتحدث قبل هذا (٧١) عن فهم الخلاص ومعايشته، وتحدث عن ما بعد الغيبية، وما بعد اللاهوت، بل تحدث عن ما بعد الإسلام وإسلام غير ديني.

مراده بما بعد الغيبية نهاية الغيبية، وما بعد الإسلام: نهاية الإسلام.

وإسلام غير ديني يقصد إسلام يتحدث عن بعض الروحانيات وبعض الأخلاق الفاضلة التي ترضى عنها العلمانية، لا إسلام طقوسي شعائري كما يعبر أركون في بعض كتبه.

وإذا كان مشروع أركون وكذا غيره من العلمانيين يهدف إلى تجاوز الدين، فلابد عنده من تطبيق العمليات التفكيكية التالية: الانتهاك، فالزحزحة، فالتجاوز والتخطي.

قال: هذه العمليات ينبغي تطبيقها بالطبع على التراث الديني (٢).

وقال:


(١) أي: العلماني. والأنسنة هي العلمانية نسبة إلى الإنسان. إذ مرجع العلمانية هو العقل الإنساني فحسب، وتبعد كل ما هو خارج عنه كالغيب والماورائيات التي هي عمدة الدين.
(٢) نحو نقد العقل الإسلامي (٣٢١).

<<  <   >  >>