للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعارض أبو بكر حجة الحمودي «١» وبذل جهدا مضنيا في معارضة البوصيري وكان ابن حجة شاعرا مسترسلا ومؤلفا، وشعره مملوء بأوجه البلاغة، وشهرته بدأت بمعارضته لقصيدة الإمام البوصيري (البردة) فيقول:

لي في ابتداء مد حكم يا عرب ذى سلم ... براعة تستهل الدمع في العلم

بالله سربى، فسربى طلقوا وطني ... وركبوا في ضلوعي مطلق السقم

أما عائشة الباعونية «٢» فقد حاولت معارضة البوصيري في قصيدة لها حيث تقول:

في حسن مطلع أقماري بذى سلم ... اصبحت في زمرة العشاق كالعم

أقول والدمع جار جار في مقلتي ... والجار جار يعذل فيه منهم

يا سعد ان أبصرت عيناك كاظمة ... وجئت سلعا فسل عن أهلها القدم

ولا يفوتنا أن نشير إلى تأثر البوصيري في بردته بابن الفارض «٣» في قصيدته التي يقول فيها:

هل نار ليلى بدت بذى سلم ... أم بارق لاح في الزوراء فالعلم

أرواح نعمان هلا نسمة حمرا ... وماء وجرة هلا نهلة بفم


(١) هو أبو المحاسن تقي الدين أبو بكر بن علي بن عبد الله الحموي الأرزاري، ولد في حماة سنة ٧٦٧ هـ، وتنقل في طلب العلم بين الموصل ودمشق والقاهرة.
(٢) هي الشيخة أم عبد الوهاب بنت يوسف بن أحمد بن ناصر الدين بن خليفة الباعونية الدمشقية، ولدت في دمشق وحفظت القران الكريم وكان عمرها ثمان سنوات، تلقت العلم على يد إسماعيل الخوارزمي، ثم رحلت إلى مصر وتلقت هناك حظا وافرا من العلوم، واجيزت بالأفتاء والتدريس، وقد كانت عالمة فاضلة وأدبية بارعة وشاعرة مجيدة.
(٣) ابن الفارض هو حفص بن عمر بن أبي الحسن الحموي الأصل المصري المولد والدار، سمى بسلطان العاشقين، من أسرة فقيرة، بدأ حياته الصوفية بالاعتكاف والتعبد في جبل المقدم، كان كثير العباده، أما الفن الشعري لابن الفارض فشعره عذب أنيق، والرمزية فيه، وتدور أغراض ابن الفارض على الحب الالهي الذي يقوم على الاتحاد أى الاعتقاد بأن جميع مظاهر الوجود متساوية في الشرف والقيامة لأنها في الحقيقة تمثل جوانب من الألوهية.

<<  <   >  >>