للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشهى إليه من مخالطة الأهل والأصدقاء، ولعلنا ندرك معنى اخر قد يكون أكثر صوابا، إنه بين ذهابه وجيئته هذه كان يجلس في بيته أيضا وحيدا معتكفا يتفكر ويتعبد وكانت أشهى وأحب إلى نفسه، وفي أثناء هذه الخلوة كان عليه الصلاة والسلام يناجي ربه طالبا الخير، وقد اتصف الرسول صلّى الله عليه وسلّم بهذا الخير فهو الصادق الأمين بين قومه ولعل هذا في حد ذاته خير.

ويتحدث شوقي بعد ذلك عن معجزات الرسول والدلائل التي تؤكد أنه المختار والمصطفى والمبعوث رحمة من عند الله تعالى فيذكر الشاعر واقعة سقاية الصحابة من كف رسول الله عليه الصلاة والسلام عند ما ضرب بها الأرض ففاضت الماء وسقت كل الصحابة وكل الحيوانات التي كانت معهم وفاضت عن حاجتهم.

ويقول الشاعر:

وظللته فصارت تستظل به ... غمامة جذبتها خيرة الديم «١»

محبة لرسول الله اشربها ... قعائد الدير والرهبان في القمم «٢»

ان الشمائل ان رقت يكاد بها ... يغرى الجماد ويغرى كل ذى نسم

وبذلك يؤكد الشاعر فضل الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومعجزاته بوصفه السحابة التي ظللته وهو في طريقه من مكة متجها إلى الشام في رحلته مع عمه أبي طالب وبأن خير الأمطار تجمعت في هذه الغمامة وأنها لم تكن تظلل الرسول صلّى الله عليه وسلّم وإنما كانت تستظل بوجوده الشريف، ويستمر شوقي في وصف هذه الواقعة فيقول أن بحيرا الراهب الجالس في ديره بين الرهبان الصادقي الإيمان قد رقت شمائلهم وأحسوا بأن الرسول الخاتم قد ظهر وأظلهم.


(١) الديم: جمع ديمة وهي المطر الدائم.
(٢) القعائد: قعيدة وقعائد الدير ملازموه من متنسكة النصاري والقمم جمع قمة وهي أعلى الرأس والمراد بها أعالي الجبل.

<<  <   >  >>