للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول:

ونودى اقرأ تعالى الله قائلها ... لم تتصل قبل من قيلت له بفم

هناك اذن للرحمن فامتلأت ... اسماع مكة من قدسية النغم «١»

فلا تسل عن قريش كيف حيرتها ... وكيف نفرتها في السهل والعلم «٢»

تساءلوا عن عظيم قد ألم بهم ... رمى المشايخ والولدان باللمم «٣»

يا جاهلين على الهادي ودعوته ... هل تجهلون مكان الصادق العلم «٤»

لقبتموه أمين القوم في صغر ... وما الأمين على قول بمتهم

فاق البدور وفاق الأنبياء فكم ... بالخلق والخلق من حسن ومن عظم

وهنا يعرض الشاعر موضوع بعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم ويصف قول جبريل الأمين حينما أمر الرسول: (اقرأ) .. ويصف الشاعر قوله (اقرأ) بأنها أمر منزّل من الله تعالى على سيد الخلق بواسطة جبريل الأمين، وكأن صوت الله هو الذي وصلها بذاته، فلم تتصل هذه الكلمة بفم بشر قبل ذلك بمثل هذه الحلاوة وهذه الطلاوة، ويستمر الشاعر في الوصف فيصف خروج الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى مكة ورفعه للاذان هناك حتى امتلأت أسماع أهل مكة بهذه النغم المقدس ألا وهو دعوة الرسول إلى التوحيد والإيمان وترك عبادة الأصنام. ويتعرض الشاعر لأثر الحدث العظيم الذي أصاب أهل مكة بهذه الدعوة التي جاءتهم عبر رجل منهم مشهور بينهم يتسم بالصدق والأمانة ولكن هذه الدعوة اختلفوا في استقبالها وتقبلها، فاختلفت الاراء بين مؤيد ومعارض، وهنا يتدخل الشاعر ويصف المعارضين للرسول الكريم بالجهل والتجاهل لأيام خلت قبل هذه الدعوة كانوا وقتها جميعا يعترفون بأنه الصادق الأمين، وهل يمكن لمن لقيتموه بالأمين في صغائر أمورهم


(١) اذن للرحمن: دعا إلى الله، من قدسية النغم: المطهر المنزه عن تطريب الغناء.
(٢) فلا تسل: يعني أن الأمر واضح غني عن السؤال يقال عند ظهور الأمر ووضوحه لا تسأل، العلم: الجبل.
(٣) الم: نزل، واللمم (محركة) : الجنون.
(٤) العلم: الظاهر والمشتهر، والجاهلون على الهادي: المتعنتون.

<<  <   >  >>