للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يتهموه ويكون كاذبا في أمر جليل كهذه الدعوة الربانية الخالصة؟! ويتدخل الشاعر مرة أخرى ليصف مناقب الرسول صلّى الله عليه وسلّم مادحا أياه بالعلو في مكانته، فالرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم قد فاق وتخطى مكانة البدور والكواكب والشموس، وتقدم على سائر الأنبياء والرسل باختيار الله له كخاتم لهم ورسالته اخر الرسالات، فقد وهبه الله عظمة الخالق وعظمة الخلق، وهو لهذه الصفات التي لم يتصف بها بشر قبله خير الناس وأحسنهم وأفضلهم عند الخالق وعند الخلق.

ويقول:

جاء النبيون بالايات فانصرمت ... وجئتنا بحكم غير منصرم «١»

آياته كلما طال المدى جدد ... يزينهن جلال العتق والقدم «٢»

يكاد في لفظه منه مشرفة ... يوصيك بالحق والتقوى وبالرحم

يا أفصح الناطقين الضاد قاطبة ... حديثك الشهد عند الذائق الفهم

حليت من عطل جيد البيان به ... في كل منتشر في حسن منتظم «٣»

بكل قول كريم أنت قائله ... تحيى القلوب وتحيى ميت الهمم «٤»

فيسترسل شوقي في المقارنة بين النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وما أعطاه الله من معجزات وايات بينات وبين من سبقه من الرسل والأنبياء فيذكر من سبقوه على الرغم من حبنا وتقديرنا لهم وإيماننا بهم وبما أنزل الله عليهم من ايات إلا أن هذه الايات قد انتهت بسبب تحريف البشر لها، لكن ايات الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم فهي كتاب الله الذي وعد الله بحفظه قال سبحانه وتعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ صدق الله العظيم، إن هذه الايات مهما طال عليها المدى ومر الزمن وتغيرت العادات والتقاليد من جيل إلى جيل ومن عصر إلى عصر


(١) انصرمت: انقطعت، منصرم: منقطع، الحكيم: القران.
(٢) جدد: جمع جديد كسرور وسرير.
(٣) عطل: يقال عطلت المرأة عطلا إذا لم يكن علها حلي.
(٤) مهج: جمع مهجة وهي دم القلب.

<<  <   >  >>