للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتم كشف مكانهما ولما وصلا إلى المدينة، ولكن حكمة الله هي التي سترتهما، وجناح الله هو الذي حماهما وضمهما، ومن يستظلون بجناح الله فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

ويقول:

يا أحمد الخير لي جاه بتسميتي ... وكيف لا يتسامى بالرسول سمى «١»

المادحون وأرباب الهوى تبع ... لصاحب البردة الفيحاء ذي القدم «٢»

مديحه فيك حب خالص وهوى ... وصادق الحب يملى صادق الكلم «٣»

الله يشهد أني لا أعارضه ... من ذا يعارض صوب العارض العرم «٤»

وانما أنا بعض الغابطين ومن ... يغبط وليك لا يذمم ولا يلم «٥»

هذا مقام من الرحمن مقتبس ... ترمى مهابته سحبان بالبكم

فلا ينسى أمير الشعراء أحمد شوقي هنا أن يفخر بأنه تسمى باسم الرسول صلّى الله عليه وسلّم أحمد، ويؤكد أن تسميته باسم الرسول صلّى الله عليه وسلّم هو غني وجاه وعلو في المقام لمجرد أن يتصف بصفة الحمد ويتبع هذا الثناء بقوله بأن كافة المادحين والمحبين لرسول الله الكريم صلّى الله عليه وسلّم هم توابع للمادح الأول والمحب الأول صاحب البردة العظيمة الامام البوصيري، فقد كان مديحه للرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم نوعا من التدين الخالص الصادق، والحب لهذه المباديء السامية وهذه الصفات الكريمة التي بعث عليها الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وحب الامام البوصيري صادق وعميق لأن ما عبر


(١) أحمد: من أسمائه صلّى الله عليه وسلّم أحمد وقد سمى الشاعر به تيمنا باسم الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وسلّم) ، ويتسامى: يتعالى.
(٢) تبع: أخبر أي ذو وتبع أي مقتدرون به، والقدم: التقدم والمنزلة، صاحب البرده: الإمام البوصيري.
(٣) مديحه: حب أي ناشيء من الحب أو ذو حب أي حال عليه.
(٤) الصوب: الانصباب، ومجيء السماء بالمطر، العارض: السحاب المعترض في الأفق والعرم: يريد المطر الشديد.
(٥) الغابط: الذي يتمنى مثل ما للغير وليس هذا القدر بمذموم يذم. البكم: الخرس وسحبان: هو سحبان وائل من بني بأهله كان يضرب بفصاحته المثل.

<<  <   >  >>