للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعلق على ذلك بأن هذا اليتم كان شيئا نبيلا ودلائل عظيمة ومصدر تكريم للرسول صلّى الله عليه وسلّم فهو بذلك متفرد كاللؤلؤ كان وحيدا كلما كان ذا قيمة لا نظير لها.

ويقول:

الله قسم بين الناس رزقهم ... وأنت خيرات في الأرزاق والقسم «١»

ان قلت في الأمر: لا، أو قلت فيه: نعم ... فخيره عند الله في لا منك أو نعم

ولعله يقصد من خلال هذه الأبيات إلى أن الله سبحانه وتعالى قد خير الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الرزق وفي هذا يتفرد بين البشر، فالرزق مقسوم بين الناس ولا خيرة لهم في ذلك إلا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد خيره الله في الرزق ولعل شوقي يشير بذلك إلى الحديث الشريف مما رواه الترمذي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (عرض على ربي أن يجعل لي بطحاء مكة ذهبا فقلت لا يا ربي، ولكن أشبع يوما فأحمد الله وأجوع يوما فأذكر الله) صدق رسول الله.

ثم يقول:

أخوك عيسى دعا ميتا فقام له ... وأنت أحييت أجيالا من الرمم

والجهل موت، فأن أوتيت معجزة ... فابعث من الجهل أو فابعث من الرجم «٢»

فنراه تحدث عن مكانة الرسول بين الأنبياء، فإذا كان عيسى عليه السلام بأمر الله قد أحيا الموتى، فأن الرسول محمدا عليه الصلاة والسلام قد أحيا أجيالا وأمما. أحياها وخلصها من الجهل، ويؤكد شوقي أن المعجزتين، أحياء الإنسان من الموت أو إحياؤه من الجهل والضلال تستويان، فمعجزة عيسى عليه السلام، ومعجزة محمد عليه الصلاة والسلام تستويان في أنهما أحياء للبشر، ولكن يفضل معجزة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم لأنه أحيا أمما وليس بضع أفراد.


(١) خيرات في الأرزاق: روى الترمذي عنه صلّى الله عليه وسلّم قال: عرض على ربي أن يجعل بطحاء مكة ذهبا فقلت: لا يا رب، ولكن أشبع يوما وأجوع يوما.
(٢) والجهل موت: كالترشيح للاستعارة في البيت السابق وهو تشبيه بليغ خطاب لغير معين، والرجم: القبر.

<<  <   >  >>