للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الله قد وهبك يا رسول الله الشريعة السمحة في القران الكريم وفي أحاديثك النبوية الشريفة التي لم تنطقها عن الهوى وإنما هي وحي يوحى، هذه الشريعة وهذه القوانين المنزلة قد فجرت في نفوس المؤمنين وفي نفوس كافة الناس طاقات العقل البشرى التي جاءت بتعاليم عديدة وبذلت جهود لشرح هذه التعاليم والقوانين الإلهية، ولمحاولة للتعرف على تفاصيلها ودقائقها وتبسيط ما غمض على العامة منها ودحض معارضيها واسقاط حججهم وادعااتهم، وهذه الشريعة تدور في أساسها حول واحدانية الله سبحانه وتعالى، فواحدانية الله هي جوهر الكون وأساس العبادة، ويشبه الشاعر هذه الواحدانية بأجمل ما في السيف وهو المقبض المزين بالجواهر، وتشبيهه لهذه الجواهر بمقبض السيف ما هو إلا دلالة على قوة هذا الأساس ومتانته، كما أن تشبيهه لهذه الجواهر وهي الواحدانية بأنها نقش مرسوم على راية عالية ليرمز بذلك للقوة والتفرد في المكانة العليا، ويقول:

غراء حامت عليها أنفس ونهى ... ومن يجد سلسلا من حكمة يحم «١»

نور السبيل يساس العاملون بها ... تكفلت بشباب الدهر والهرم «٢»

يجري الزمان وأحكام الزمان على ... حكم لها نافذ في الخلق مرتسم

لما اعتلت دولة الإسلام واتسعت ... مشت ممالكه في نورها التمم «٣»

وعلمت أمة بالفقر نازلة ... رعى القباصر بعد الشاء والنعم

وهنا يحاول أن يبين مدى ظمأ الناس وتعطشهم لهذه الواحدانية منذ القدم فقد ظل الناس يحومون حولها، وتهفو إليها عقولهم، وتهين على عواطفهم ولا


(١) حامت: عطفت ومالت، نهي: جمع نهية وهي العقل، والسلسل: الماء العذب.
(٢) نور السبيل: إنها يهتدى بها إلى غاية النجاح والفلاح في الدنيا والفوز السعادة في الاخرة شباب الدهر والهرم: كناية عن أوله واخره أو حالة إقباله وإدباره وتكلفها بشباب الدهر.. إلخ، أي تكلفها بما يعلى أهلها ويصلح من شأنهم على كل حال من الأحوال بلا تغيير في أحكامها ولا تبديل لنصوصها.
(٣) التمم: التام.

<<  <   >  >>