يستطيعون إليها نفاذا إلا بظهورك يا رسول الله، ويمنحك الله جل وعلا معجزة القران الكريم وكأن هذه الشريعة الغراء نبع ماء طال من حوله الظمأ، فما أن راوه وما أن ظهرت هذه الرسالة، حتى اندفع هؤلاء العطشى للارتواء من هذا الماء العذب الزلال، وهذه الشريعة الغراء المتمثلة كما سبق أن قلنا في القران الكريم وفي السنة النبوية كالنور الذي يضيء الطريق أمام الناس لكي يهتدوا إلى السبيل الأصح والأقوم في سبيل الحياة الكريمة الطيبة، وأن هذه الشريعة هي النبراس للإنسان يهديها في معركة ترويض الغرائز وتحويل الطباع الهمجية، والنفوس الشريرة إلى الطريق المستقيم بما فيها من تشريع وبما فيها من قصص وعبر من الأمم السابقة يضرب الله بها المثل للناس أجمعين، فمن شاء فإنه يهديه إلى الصراط المستقيم، وهذه الشريعة قد رسمت- من خلال منهاج إلهي لا يأتيه الخطأ من أمامه ولا من خلفه- ما يحدث في الكون، وبينت تفاصيل ما يجري في المستقبل. ومن يتمسك بهذه الشريعة الغراء وبهذا القانون المحكم المنزل من السماء لابد أن يحكم العالم وينشر الخير والحب والتقوى على وجه الأرض، والدليل على ذلك أن دولة الإسلام الأولى منذ أيام حكم الرسول صلّى الله عليه وسلّم وحتى رابع الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، قد اتسعت وسيطرت على كافة الممالك القديمة وطهرت بنور هذه الشريعة أدران النحل التي كانت منتشرة في تلك الممالك، ورفعت الظلم عن كافة الناس وسوت بينهم أمام الدولة وأحكام الله، وكان التشريع قد نزل على لسان الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم أن الناس سواسية كأسنان المشط، وقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ صدق الله العظيم.
هذه الشريعة الغراء قد تمثلتها هذه الدولة الصغيرة البسيطة التي كانت لسنوات عديدة مجموعة من القبائل المتناحرة الكافرة، فصارت بهذه الشريعة أمة من المجاهدين الذين يضحون بأرواحهم، ليس في سبيل المال ولا في سبيل المجد، وإنما في سبيل نشر هذه الشريعة الحقة، والدين السمح؛ حتى أنها