للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامي وجعلوهم يشربون ويروون الظمأ الذي طال بهم مداه.

ويقول شوقي:

نالوا السعادة في الدارين واجتمعوا ... على عميم من الرضوان مقتسم

دع عنك روما وأثينا وما حوتا ... كل اليواقيت في بغداد والتوم «١»

وخل كسرى وايوانا يدل به ... هوى على اثر النيران والأيم «٢»

واترك رعسيس، ان الملك مظهره ... في نهضة العدل لا في نهضة الهرم «٣»

دار الشرائع روما كلما ذكرت ... دار السلام لها القت يد السلم «٤»

ما ضارعتها بيانا عند ملتأم ... ولا حكمتها قضاء عند مختصم «٥»

ونراه يطرح في هذه الأبيات مقارنة بين شريعة الله سبحانه وتعالى التي أنزلها على رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم وبين الشرائع والقوانين الوضعية فيتعرض للحضارة الرومانية وما سبقتها من حضارة اليونانيين (الأغريق) ويعرض لها قائلا: إذا قارنا بين الحضارتين وبين الحضارة الاسلامية لوجدناها أنها الكفة الراجحة وهي الذهب بين سائر المعادن، كما أنها الياقوت والفضة الخالصة بين الأحجار الكريمة، وإذا ما تعرضنا للفرس وزعيمهم كسرى، نجد أن الشاعر يصفه بأنه كان يتيه فخرا ودلالا على زعماء العالمين بهذا البناء القوى الذي يسمى (الأيوان) والذي نراه بمجرد البشارة بمولد النبي صلّى الله عليه وسلّم ينصدع ويهتز وتتهدم أركانه، بل يشب فيه الحريق ويلطخه الدخان، وفي العودة إلى الماضى نجد أن الشاعر يختار


(١) روما: هي المدينة المعروفة الان بهذا الاسم قاعدة لمملكة إيطاليا، أثينا: قاعدة مملكة اليونان الان، وبغداد: قاعدة الخلافة الإسلامية في دولة بني العباس، التوم: جمع تومه وهي الحبة الفضة تعمل على شكل الدرة.
(٢) كسرى: لقب لكل من يلي ملك فارس، والنيران: لعله يريد بها نيران فارس التي خبت ليلة مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم وكان ذلك أيام كسرى أنور شروان، الإيم: الدخان.
(٣) الهرم: الأهرام في مصر كثيرة وأشهرها أهرامات الجيزة الثلاثة الفراعنة ملوك مصر وأكبرها أشهرها وأعجبها حتى إذا ذكر لفظ الهرم صرف إليه، رمسيس: أسم بعض الفراعنة.
(٤) دار السلام: بغداد، والسلم: التسليم.
(٥) ملتأم: مجتمع، مختصم: المصدر أي اختصام.

<<  <   >  >>