الإمام البوصيري وأحمد شوقي فقد كتبا عن جهاد الرسول صلّى الله عليه وسلّم. كل من وجهة نظره وبعلم كامل بعظمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم. ولكن من خلال معطيات عصره فنجد أن كعبا عندما يتكلم فانه- وكما سبق أن قلنا- يتكلم كلام حديث عهد بالاسلام ومع أنه كان حديث عهد في الاسلام إلا أنه قد سمع ورأى وأحس بقوة هذا الدين الجديد وببأس أصحابه وقدرتهم فهو يصف هذه القدرة بأنها قدرة من لا يقبل أن يطعن في ظهره، بل يقبل على الموت وهو يهلل فرحا به طمعا في شهادة لا ريب فيها وهذا في البيت الأخير من القصيدة، وقد سبق أن تكلمنا عن هذه الأبيات الخاصة بجهاد المسلمين في الجزء الخامس بمدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومدح المسلمين عند كعب، وننتقل من كعب إلى الإمام البوصيري وهو يتكلم عن جهاد الرسول صلّى الله عليه وسلّم فهو مادح له ولكل مسلم من المسلمين الذين شاركوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم في سبيل الله وهو هنا ينظر إلى الجهاد نظرة أكثر عمقا وفهما لمعنى الجهاد في الإسلام، فليست الرهبة والغزو واستخدام السيف والرمح هي الجهاد في الاسلام، وإنما هو الجهاد مع المشركين أولا بمحاولة اقناعهم بالدين الاسلامي بالحجة والكلمة الطيبة ثم محاربة كل من يخرج على اطار الدين ولا يرضى بالجزية، وكأن الإمام البوصيري يريد أن يبينّ مرة أخرى موقف الناس من ظهور الرسالة المحمدية إذ يبتديء هذا الجزء من القصيدة بأن يصف فزع الناس وخاصة أعداء الرسول عند سماعهم بأن الله جل وعلا قد بعث محمدا صلّى الله عليه وسلّم للعرب رسولا، وهذا الخوف والفزع قد أدى إلى التصادم مع المؤمنين بالرسالة المحمدية وإيذائهم، ويستمر الإمام البوصيري في وصفه للجسارة وقوة المسلمين وفي عظمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم في جهاده خلال اثنين وعشرين بيتا يذكر فيها مدى انتصارات المسلمين وكيف أنهم كالجبال لا يتعرض لهم عدو إلا هزموه وقهروه، ويصف المسلمين المحاربين بأن لهم علامة تميزهم مثل الورد فهم يتميزون عن غيرهم من الأشياء بالرائحة فتحسبهم كالأزهار، ويصفهم بأنهم من كثرة استمرارهم بالحرب على ظهور الخيل كأنهم قد نبتوا في ظهور خيلهم لا يريدون النزول بإرادتهم وليسوا مجبرين على ذلك ولكنهم يقتدون بقائدهم صلّى الله عليه وسلّم محمد بن عبد الله الذي يصفه الشاعر بأنه