للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول:

ترمي الغيوب بعيني مفرد لهق ... إذا توقدت الحزان والميل «١»

ضخم مقلدها فعم مقيدها ... في خلقها عن بنات الفحل تفضيل «٢»

غلباء وجناء علكوم مذكرة ... في دفعها سعة قدامها ميل «٣»

وجلدها من أطوم مايؤيسه ... طلح بضاحية المثنين مهزول «٤»

وهنا يستطرد كعب في وصفه هذه الناقة العجيبة فيقول: إنها في أثناء هذه الرحلة الشاقة ترمي بنظراتها يمينا ويسارا كأنها نظرات ثور برى أبيض تفرد في المكان وعرفه معرفة شديدة وألفه الفة حميمة، فهو يعيش فيه ويخرج منه، يعرف تفاصيل الرمال والكثبان والأماكن الغليظة الصلبة التي تكثر فيها الحصباء، ويشبه الشاعر هذه الناقة بهذا الثور الذي عاش في هذه المنطقة بل ويعتبر الناقة قد عرفت هذا الطريق البعيد الطويل بينه وبين محبوبته، كما عرف الثور الأبيض الوحشي مسالك منطقته الصغيرة المحدودة التي يعيش فيها.

ثم يبدأ الشاعر في وصف الناقة فيصف ضخامة عنقها التي تعبر عن ضخامة في كل جسدها، ثم يصف ارتفاع سيقانها وقوائمها، وهذا يدل على سرعة وقوة السير ثم يصف قوتها وقدرتها على حمل الأثقال، ثم يذكر أنها من أفضل بنات


(١) الغيوب: اثار الطريق التي غابت معالمها عن العيون والمفرد الثور الوحشى الذي تفرد في مكان واللهق: (بفتح الهاء وكسرها) الأبيض، والحزان: الأمكنة الغليظة الصلبة تكثر فيها الحصباء وهي جمع حزيز، والميل: جمع ميلاء وهي العقدة الضخمة من الرمل.
(٢) المقلد: موضع القلادة في العنق، وفعم: ممتليء، والمقيد: موضع القيد، وبنات الفحل: الإناث من الإبل المنسوبة للفحل المعد للضراب.
(٣) غلياء: غليظة العنق، ووجناء: عظيمة الوجنتين، أو هي من الوجين وهو ما صلب في الأرض، وعلكوم: شديدة ومذكرة: عظيمة الخلقة وقدامها، ميل: كفنانة عن طول عنقها أو سعة خطوها.
(٤) الأطوم: بفتح الهمزة: سلحفاة بحرية غليظة الجلد وقيل: هي الزرافة، ويؤيسة: يذلله ولا يؤثر فيه، والطلح: القراد دوييه معروفه يلزق بالدابه، والضاحية ناحيته البارزة للشمس، والمتنان: ما يكتنف صلبها عن يمين وشمال من عصب ولحم، ومهزول: صفة لطلح أي قراد مهزول من الجوع.

<<  <   >  >>