للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولن يبلغها إلا عذافرة ... فيها على الأين أرقال وتبغيل «١»

من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت ... عرضتها طامس الاعلام مجهول «٢»

وبذلك يعود الشاعر إلى الرجاء والأمل فأنه سيأتي يوم وتدنو مودة سعاد منه وتقترب عواطفها من عواطفه، وامالها من اماله، وأحلامها من أحلامه، ويرجو أن تعود إليه مودتها كاملة قريبة وهو يكاد يلمس هذه المودة وهذا الطيف حتى ينال عطاءها ألا وهو الوصال: ولكن هيهات هذا الوصال، فإن سعاد قد نأت إلى مكان بعيد غاية في البعد حتى أنه لا يستطيع أن يبلغ مكانها، إلا إذا كانت لديه هذه الإبل العتاق الكريمة الأصول القوية السريعة الخفيفة، وهذه الناقة التي من صفاتها الصلابة الشديدة والتي لا تتعب، ومهما سارت وبأي ضرب من ضروب السير فإنها لا يبلغ منها الأعياء، أو يصل إليها التعب والكلال.

وأدرك الشاعر أن بعد سعاد أصبح عقبة في سبيل الوصول إليها فيمهد ويخطط ليتخطى هذا البعد، وبروح البدوى وبإدراكه لمعطيات مجتمعه يرى أن الوسيلة الوحيدة التي تقرب بينه وبين سعاد هي هذه الناقة التي يصفها بتمكن شديد فهي من النياق النجيبات المراسيل أي قوية خفيفة سريعة كريمة الأصل، ويستمر الشاعر في وصف هذه الناقة في أثناء سيرها فهي كثيرة العرق لكثرة الجهد الذي تبذله.. وأول جزء من بدنها، ما خلف الاذان، وهذه الناقة تغز السير وتجد فيه وهي تعرف الطريق جيدا حتى لو ازيلت العلامات المميزة وأنها عارفة بالمسالك المجهولة لكثرة أسفارها وسلوكها الدائم للصحراء في أثناء هذه الأسفار.


(١) العذافرة: الناقة الصلبة العظيمة، والأبن، الأعياء والتعب، وارقال والتبغيل: ضربان من السير السريع.
(٢) النضاحة: الكثيرة رشح العرق، والذفرى: النقرة التي خلف إذن الناقة وعرضتها: همتها، وطامس الأعلام: الدارس المتغير من العلامات التي تكون في الطريق ليهتدي بها.

<<  <   >  >>