للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يضاهيها في السرعة شيء، وهي طويلة الظهر، طويلة العنق، ثم يردف الشاعر صفات سبق له أن ذكرها: فهي ذات صدر لا يستطيع أن يستمر القراد في الالتصاق به، فهي ملساء شديدة الملاسة، كما شبهها بأنها مثل عير الوحش في سرعته ونشاطه وصلابته، ولم يكتف بذلك، بل أضاف أنها ممتلئة اللحم وافرته من كل جنب من جوانبها، وكأنها قد امتلأت باللحم من كل صوب حتى الصدر، فلا يظهر من هذا الصدر أضلع وأكتاف من العظم، وإنما هذه الأضلع، وهذه الاكتاف ممتلئة ومغطاه باللحم ويريد الشاعر هنا أن يقول أنها تتحمل ثقل راكبها ولا يؤثر هذا الثقل في احتكاك عظامها، فقد اكتست هذه العظام باللحم، فلا تصيبك عظامها، مما يعطيها القدرة على الحركة والسرعة وراحة راكبها، ثم يلجأ إلى التشبيه فيقول: إنها مثل الحمر العريض المستطيل وجهها. فوجهها ما بين عينيها ومقدم الفكين غاية في الطول.

ويقول كعب:

تمر مثل عسيب النخل ذا خصل ... في غارز لم تخونه الأحاليل «١»

قنواء في حرتيها للبصير بها ... عتق مبين وفي الخدين تسهيل «٢»

تخدي على يسرات وهي لاحقة ... ذوابل مسهن الأرض تحليل «٣»

سمر العجايات يتركن الحصى زيما ... لم يقهن رؤوس الأكم تنعيل «٤»


(١) عسيب النخل: جريده الذي لم ينبت عليه الخوص، وذا خصل: يريد ذيلا له لفائف من الشعر، وفي غارز: أي على ضرع، ولم تخونه: لم تنقصه، والأحاليل: مخارج اللبن جمع أحليل بالكسر.
(٢) القنواء: المحدوبة الأنف، ويروى (وجناء) ، والحزتان: الأذنان، والعتق بالكسر: الكرم، والمبين: الظاهر، وتسهيل: سهولة ولين لا خشونة ولا حزونة.
(٣) تخدى: تسرع أي تسترخى، واليسرات: القوائم الخفاف، وهي لا حقة يعني أي والحال أنها لاحقة بالنوق السابقة عليها أو بالديار البعيدة عنها (وهي لا أهية) أي غافلة عن السير، والذوابل: جمع ذابل وهو الرمح الصلب اليابس، ومسهن أي مس تلك اليسرات للأرض أو وقعهن عليها، وتحليل: أي قليل لم يبالغ فيه.
(٤) العجايات: الأعصاب المتصلة بالحافر وقيل اللحمة المتصلة بالعصب المنحدر من ركبة البعير إلى الفرسن، وزيما: متفرقا، والأكم: هي الأراضى المرتفعة، والتنعيل: شد النعل على ظفر الدابة ليلقيها الحجارة.

<<  <   >  >>