للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيتبين أن هذه الناقة الأعجوبة لها ذيل أجرد ليس فيه شعر إلا خصلة في نهايته ولها ضروع مليئة بالشعر عدا اللبن على الرغم من أنها لا تحلب، وتلك صفات تدل على قوة سيرها، كما أنها محدودبة الأنف ذات أذنين كبيرتين مما يدل على كرم أصلها، كما أن هاتين الأذنين ناعمتان لينتان، والتشبيهات كلها سبق أن أوردها الشاعر بصيغ شعرية أخرى في الابيات السابقة، ثم يصف سرعتها فيقول أنها مسترخية ولعل ذلك أبلغ في مدح النوق، تسترخي وهي مسرعة فلا تتعب راكبها، ويعتقد الشاعر أن هذه أوصاف كريمة إذ لا تكترت بالجهد، فهي لاهية لا مبالية في سيرها فكأنها تطير ولا تمشي على الأرض، كما يؤكد أن أعصابها المتصلة بالأخفاف قوية صلبة، فلا تشعر بالتعب ولا بالألم أثناء السير لصلابة هذه الأخفاف.

ويقول كعب:

كأن أوب ذراعيها وقد عرقت ... وقد تلفع بالقور العساقيل «١»

يوما يظل به الحرباء مصطخدا ... كأن ضاحية بالشمس مملول «٢»

وقال للقوم حاديهم وقد جعلت ... ورق الجنادب يركضن الحصا قيلوا «٣»

شد النهار ذراعا عيطل نصف ... قامت فجاوبها نكد مثاكيل «٤»


(١) الأوب: بالفتح سرعة التقلب والرجوع، وعرقت: أي عرقها لا لتعب ولا لاعياء، وتلفع: اشتمل والتحف، والقور: جمع قارة وهي الجبل الصغير العساقيل: السراب.
(٢) الحرباء: (بالكسر) هو حيوان بري له سنام كسنام الجمل يستقبل الشمس حيثما دارت ويتلون بألوان الأمكنة التي يحل فيها، ومصطخدا: محترقا بحر الشمس وروى (مصطخما) أي منتصبا قائما كما يروي (مرتبئا) أي مرتفعا ضاحية: ما برز للشمس منه، ومملول: موضوع في الملة وهي الرماد الحار.
(٣) الحادي: السائق للإبل، والورق: جمع أورق أو ورقاء وهو الأخضر الذي يضرب إلى السواد وقيل الورقة لون يشبه لون الرماد، والجنادب: جمع جندب ضرب من الجراد، ويركض الحصى: يحركنه بأرجلهن لقصد النزول بسبب الأعياء عن الطيران من شدة الحر، وقيلوا: أمر من قال يقيل قيلولة وهي الاستراحة وقت شدة الحر.
(٤) شد النهر: وقد ارتفاعه وهو مبالغة في شدة الحر، والعطيل: الطويلة والنصف: المتوسطة في السن وذلك حين استكمال قوتها وبلوغ أشدها فتكون أسرع في الحركة.

<<  <   >  >>