للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نواحة رخوة الضبعين ليس لها ... لما نعى بكرها الناعون معقول «١»

تفرى اللبان بكفيها ومدرعها ... مشقق عن تراقيها رعابيل «٢»

وبذلك يستمر الشاعر في وصف قوة الناقة التي تعرق في أثناء سيرها وهذا ليس من تعب أو إعياء بل لشدة الحر، فهي تستطيع أن تمشي فوق المرتفعات والكثبان والوهاد في وقت الحر ووقت ظهور السراب ولا تأبه بأي عقبة من العقبات وأنها مهما تكن الحرارة أو البرودة تستطيع أن تسير في هذا الجو أو ذلك ومهما تكن الأرض وعرة أو ممهدة فهي مؤهلة للسير فيها على الرغم من تعب الحادي الذي يقودها أو القافلة التي تضمها، وعلى الرغم من طلب الراحة فهي نشطة قادرة على الاستمرار، ويكرر الشاعر وصفه لسرعتها في صور شعرية غاية في العظمة، فهو يشبه حركة سيقان الناقة بحركة امرأة تلطم خديها حزنا على ولدها وكأن هذه الناقة في سرعتها سرعة هذه المرأة التي تنوح وتلطم خديها عندما نعى إليها إبنها وهذا لفرط سرعتها، وتسير كأنها قد فقدت عقلها كهذه المرأة، وهذه الناقة المعجزة التي لا مثيل لها هي الوحيدة التي تستطيع الوصول به إلى حبيبته.

وخلاصة القول أن كعبا يمجد الناقة لأنها الوسيلة الوحيدة التي تجمعه بحبيته وحقها عليه أن يصفها وأن يسهب في تمجيدها لأنها تحقق له أملا كان عاجزا عن بلوغه بدونها.


(١) النواحة: الكثيرة النوح على ميتها، ورخوة الضيعين: مسترخية العضدين والبكر بالكسر: أول للأولاد، والناعون: المخبرون بالموت النادبون له، والمعقول هنا: العقل وهو من المصادر التي جاءت على (مفعول) كمسعور.
(٢) تفرى: تقطع، واللبان: الصدر، والمدرع: القميص، ورعابيل: قطع متفرقة وهو جمع رعبول.

<<  <   >  >>