للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من خوفه واشفاقه على نفسه من القتل إلا أنه تذكر الحكمة والحقيقة التي تقول أنه ليس هناك من يبقى أو يظل خالدا يذكر ذلك ويصوغه صياغة شعرية محكمه إذ يقول «كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما» «على الة حدباء ومحمول» . ويمضي كعب في قصيدته إذ يقول:

انبئت أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول «١»

مهلا هداك الذي أعطاك نافلة الق ... ران فيها مواعيظ وتفصيل «٢»

لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم ... اذنب ولو كثرت في الأقاويل «٣»

لقد أقوم مقاما لو يقوم به ... أرى وأسمع ما لم يسمع الفيل «٤»

لظل يرعد الا أنّ يكون له ... من الرسول بإذن الله تنويل «٥»

حتى وضعت يمينى ما انازعه ... في كف ذى نقمات قيله القيل «٦»

لذلك اهيب عندى إذا اكلمه ... وقيل انك منسوب ومسئول «٧»

فيبين أن الوشاة قد أبنأوه بأن رسول الله قد أهدر دمه وهدده بالقتل إلا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والعفو من شيمته يعفو عن كل من يتراجع عن خطيئته وكفره،


(١) انبئت: أخبرت، ويروى (انبئت) وأوعدني: تهددني بالقتل، مأمول: مرجو ومطموع فيه.
(٢) هداك: زادك هدى أو هداك الله للصفح والعفو عني، والناقلة الزيادة.
(٣) لا: إن كانت ناهية بحسب وضعها لكن المراد منها التضرع والتذلل.
(٤) لقد أقوم: والله لقد أقوم مقاما (فهو جواب قسم محذوف) ، المقام هنا: مجلس النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٥) يرعد: تأخذه الرعده، والتنويل: التأمين والمعنى لصار الفيل يضطرب ويتحرك من الفزع وإنما خصه بذلك لأنه أراد التعظيم والتهويل.
(٦) حتى وضعت: أي فوضعت وخص اليمين لأن الأشياء الشريفة تفعل باليمين ولا انازعه، أي حال كوني طائعا له راضيا بحكمه في غير منازع والنقمات: بفتح جمع نقمة والمراد بصاحب النقمات النبي صلّى الله عليه وسلّم حين قدم عليه وهو في المسجد ووضع يده يستأمنه.
(٧) اخوف: أشد أخافة وإرهابا، ومنسوب: أي إلى أمور صدرت منك كقولك لأخيك بجير (سقاك بها المأمون.. إلخ) ؛ ومسئول: أي عن سببها، أو مسئول عن نسبك فكأنه يقول من قبيلتك التي تجيرك منى؟ ومن قومك الذين يعصمونك منى فقد تبرؤا منك وتخلوا عنك.

<<  <   >  >>