للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستطرد مرة أخرى مخاطبا الرسول ويقول له: انتظر أيها المهدي الذي هداه الله واصفح عني وبالحق الذي منحك القران بما فيه من عظات وايات بينات عطية زائدة على حق النبوة، فأنت بهذا خير الأنبياء لأنك صاحب القران، وبحق هذا القران لا تحاسبني على أقوال هؤلاء الوشاة الذين سعوا بيني وبينك وبين المسلمين بالفساد والكذب والبهتان والنميمة لأنني لم أذنب. ويقسم كعب بأغلظ الإيمان أنه سيذهب إلى مجلس النبي ويحضره وأنه متأكد أنه سيرى بعينه وسيسمع بأذنيه ما لم يره من قبل، ولنا هنا أن نقول بأن الفيل وهو حيوان عظيم الجثة بل هو أضخم الحيوانات قاطبة لو رأى وسمع ما يحدث في مجلس الرسول لظل يرتعد خوفا على نفسه وهيبة لعظمة هذا الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) وقدرته حتى يؤمنه الرسول صلّى الله عليه وسلّم على نفسه وبإذن من الله تعالى، وأن الرعدة التي تصيب الفيل قد أصابت الشاعر نفسه إلى أن تجرأ ووضع يمينه في يد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم الشريفة وأحس برضاه فامن على نفسه. ويصل بنا كعب إلى وصف الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم إذ يقول:

من ضيغم من ضراء الأرض مخدرة ... في بطن عثر غيل دونه غيل «١»

يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما ... لحم من القوم معفور خراديل «٢»

إذا يساور قرنا لا يحل له ... ان يترك القرن إلا وهو مفلول «٣»


(١) ضيغم: أسد، وضراء الأرض: الأرض التي فيها شجر، والمخدر: غابة الأسد، وعثر (بفتح العين وتشديد المثلثه) ، اسم مكان مشهور بكثرة السباع، والغيل: الشجر الكثير الملتف، وغيل دونه غيل: دونه غيل: أي أجمه تقربها أجمة أخرى فتكون أسدها أشد توحشا وأقوى ضراوة، والخادر: الأسد الداخل في خدره وهو حينئذ يكون أشد قوة وبأسا.
(٢) يغدو: يخرج في أول النهار يتطلب صيدا لشبليه، وفي رواية (يغذو) بالذال: أي يطعم ويلحم: يطعمها اللحم، والضرغام: الأسد، ويريد بالضرغامين شبليه، ومعفور: ملقى في العفر وهو التراب ووصفه بذلك لكثرته وعدم اكتراثه به لشبعه، وخراديل: قطع صغار يصف هذا الأسد بكثرة الافتراس وعظم الأصطياد.
(٣) يساور: يواثب، والقرن (بكسر القاف) : المقاوم في الشجاعة، وفي ذكر القرن إشارة إلى أن هذا الأسد لا يساور ضعيفا ولا جبانا، وإنما يساور مقاومة في الشجاة، والمفلول: المكسور المهزوم.

<<  <   >  >>